في حياتنا نرى أشخاصا كثيرين، الكذاب والصادق الغني والفقير والكبير والصغير، وبرغم هذا ننخدع بوجوههم ومظاهرهم الخارجية، ونتعامل معهم بظنونا عنهم دون يقين.

عواقب الحكم بالمظهر :

نكتشف أن أحد أسباب الوقوع في المتاعب، وتجربة مُر الخذلان، والصدمات في البشر، هي «المظاهر».

من المفترض على كل منا أن يحكم على الآخر بالمواقف والتجارب، والنظر له عن قرب، فالعيوب والميزات لا تظهر إلا حين نقترب، فالمظاهر لا تؤتمن، وكأنك ذهبت لشراء تفاح لامع نظيف، وعندما شققته نصفين كان الدود يملؤه، فلا يغرنك الحديث المزين أو الوجه الباسم، فليس المتدين بلحيته وجلبابه، وليس الأمين بأقواله دون أفعاله لأن الكثير منا ينخدع بقول مدعي التدين العذب، وتجملهم بأخلاق الإسلام، وأقوالهم الجميلة العلنية، وذلك لثقتنا وانسياقنا خلف أحاديثهم دون النظر إلى الجانب الخفي من أفعالهم المخالفة لأقوالهم.

وليس الرفيق من تجده في الرخاء، وليس الأصيل بذوقه وشِعره ووجه البراق أمامك، وحين تدير لهم ظهرك يتحدثون عنك بسوء ويذكرون عيوبك.

هنالك أشخاص ظننا أنهم أقرب لنا من أنفسنا، فخاب ظننا فيهم، فعلينا وضع دائما مسافة أمان بيننا، وأن ندرك مصالح الآخر وأغراضه من هذا الفعل وهذا القول، والحذر من الانخداع بأقواله دون أفعاله.

وأيضا من عواقب الحكم بالمظهر أن نسيء الظن بالآخرين بغير بيان، أو أن نحقد على أحد، لأننا نراه بشوشا ولا يتحدث عن آلامه، لا يعني هذا أنه خال من العيوب أو المشكلات، فقط هو يحاول أن يخفي عناء الدنيا عنا، وألا يشعر الآخرون بهذا. فقد نجد الغني سعيدا، وهو في الحقيقة بائس حزين، ويحمل على عاتقيه هموما، فمن امتلك المال قد يخسر راحة البال أو يضيق به الحال، ويمرض مرضا الشفاء منه محال، فنحن لا ندري بماذا يمر، وبماذا يشعر، وما البيئة التي يقطن فيها، لأننا لسنا في موضعه، ولسنا ملمين بجوانب ماضيه وحاضره ومستقبله.

وإن رأينا أحدا مجتهدا متميزا، فقد يكون يتيما أو يعاني الفقر والألم، أو أن نحكم على الصغير بأنه لا يفهم، أو على الكبير في السن بأنه حكيم، أو على مشهور بأنه مثقف، وعلى المتزوج بأنه سعيد ومن سواه تعيس، وأن من يسكن المدن راق ومتحضر، ومن يسكن القرى جاهل، أو تصور أن من في موقع المسؤولية يعيش في رفاهية ونعيم، ولا يشعر بالناس المسؤول عنهم ويتجاهلهم، غير مقدرين حجم الصعاب التي واجهها، والأعباء الواقعة عليه.

وعلينا ألا نصنف من السعيد من الناس ومن الحزين، ومن سينجح ومن سيفشل بلا برهان، ليس من شأننا أن نقول هذا أو هذا!.

علينا أن نبتعد عن الأحكام، فالأيام والمواقف كفيلة بأن تُعلِمُنا ما لا نعلم، فما من أحد يمتلك كل شيء في هذا الكون، والمظاهر خداعة، لذا يجب ألا نثق ثقة عمياء فيما نراه ونسمعه، سواء كان خيرا أو شرا.