قادت فكرة تطوعية مواطنين اثنين لإنارة موارد المياه في صحراء النفود (شمال المملكة) التي تعد أكبر صحارى المملكة، وذلك عبر مصابيح ليزر تعمل بمولدات الطاقة الشمسية.



وتهدف تلك الفكرة إلى دلالة التائهين وعابري الصحراء التي تعد من أشد صحارى المملكة وعورة، وهي تمتد من بعد سهول هضبة نجد وحتى الحدود الشرقية للمملكة مع العراق، والحدود الغربية مع لتشترك من هناك مع صحراء الشام، وتبدأ رمالها من منطقة حائل شمال المملكة، حتى الجوف كآخر نقطة لها على حدود المملكة، بامتداد نحو 400 كلم من الغرب إلى الشرق، وتغطي نحو 65500 كلم مربع، أي نحو 3.2% من مساحة المملكة، وتضم أشكالا متنوعة من الكثبان الرملية، أغلبها شيوعا الطولية والهلالية والنجمية.

ويصل ارتفاع بعض الكثبان خاصة النجمية منها إلى 200 متر فوق مستوى الأراضي المنبسطة المجاورة لها، و1000 فوق مستوى البحر، لاسيما في جهتها الجنوبية التي تعد أكبر بكثير من كثبانها في جهتها الشمالية، وكذلك الغربية أكبر من كثبانها الشرقية.

دعم المبادرة

يؤكد الداعم للمبادرة التطوعية التي حظيت بمباركة، وزارة المياه والبيئة والزراعة الشيخ مهنا محمد المهنا أن الدعم تضمن إنارة موارد المياه في صحراء النفود، بأشعة ليزر تضمن استدلال التائهين وعابري الصحراء ومعرفتهم لمواقعهم، حتى لا يتيهوا وسط بحر من الرمال الممتدة في تلك الصحراء.

ونوه المهنا إلى أنه مول تلك المبادرة بعدما سمع واطلع على كثير من حوادث المفقودين وسط الصحراء والمخاطر التي تعرضوا لها نتيجه عدم معرفتهم بمواقعهم، وعدم وجود منارات أو إنارات يستدلون بها.

وتابع «اخترنا أن يغطي المشروع أجزاء واسعة من صحراء النفود الكبير، وأن تستفيد منه شريحة كبيرة من مرتادي الصحراء، واستخدمت فيه تقنيات حديثة منها مصابيح الليزر التي يكون ضوؤها أكثر كثافة ووضوحا، مع استخدام مولدات تعمل عبر الطاقة البديلة الشمسية لإنارتها».

وختم «حاليا لم يعد في صحراء النفود مقولة الداخل مفقود، والخارج منها مولود، مع المشاريع التنموية الكبرى التي وصلت صحراء النفود الكبير، فاخترق جسدها المتماسك طريق دولي سريع، وسكة قطار للشحن والنقل، وتحولت مضاميها إلى موارد للماء، وكثبانها مضمارا لرالي دولي، وأيضا ميدانا لإحدى جولات رالي دكار، إذ باتت أهميتها مضاعفة، وبات المشروع ذا جدوى أكثر».

صحراء تشبه البحر

يوضح صاحب فكرة إنارة صحراء النفود الكبير، الخبير في الصحراء محمد الفهيد السحيمان وهو من أهالي جبة «صحراء النفود الكبير تُعدُ من الأكبر على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وأشدها وعورة، وكان يقطنها سابقا أعداد كبيرة من البدو الرحل، ويعدونها موطنهم الأصلي، ويعتمدون في حياتهم على تربية المواشي من الإبل والأغنام.

ومع استيطان البادية في منتصف العقد الماضي تناقص عددهم وحاليا يكادون يعدون على أصابع اليدين، وهي تعد من الوجهات الأولى لملاك الإبل والغنم على الرغم من وعورتها وكثرة مجاهيلها ومضاميها».

وشبه السحيمان صحراء النفود بالبحر، لوجود بعض الصفات المتشابهة ومنها صعوبة الحركة فيهما إلا عن طريق الخبرة والمهارة والأدلاء، مستعرضا كثيرا من قصص المعاناة لعابري الصحراء وآخرها قصة المفقودين السودانيين التي حدثت قبل أيام، حيث عثر عليهما متطوعون محليون بعدما ضلا طريقهما في صحراء النفود بمنطقة حائل، وتم إنقاذهما في الرمق الأخير من حياتهما«، مشيرا إلى أن الفكرة جاءت بعد ذلك لإنارة موارد المياه داخل الصحراء، وعلى الأخص تلك غير المخدمة بطرق معبدة، بهدف إرشاد التائهين وعابري الصحراء.

وقال السحيمان أن الفكرة دعمها ومولها الشيخ مهنا محمد المهنا، وباركتها وزارة البيئة والزراعة والمياه، وتم تنفيذها قبل شهر، كما مولها أبناء ابراهيم السلمان صدقة عن والدتهم هياء العبيد، رحمها الله، وأنيرت الصحراء ليلا ولقي هذا الخبر استحسان كثير من الجهات، وأوضح أن الفكرة تضمن بعد مشيئة الله عدم فقدان أي من التائهين بالصحراء، حيث يمكنهم الاستدلال بالأضواء المنبعثة من موارد المياه وسط الصحراء.

تجهيزات لا بد منها

من جهته، قال خبير الرحلات البرية، أحد المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي عوض التومي، إن إنارة موارد صحراء النفود الكبير يساعد عابري الصحراء على عدم الضياع ومعرفة موقعهم، وبخاصة من يسلك الطرق الصحراوية الطويلة والنائية.

وشدد على أن من يقطع صحراء النفود لا بد أن يتجهز لذلك، وتشمل التجهيزات الاستزادة بالماء والطعام، وأجهزة الملاحة والهاتف الفضائي «الثريا»، وتفحص السيارة، إضافة إلى أخذ وقود احتياطي وشنطة إسعافات أولية، ومستلزمات الرحلات البرية المعروفة، إلى جانب إخبار قريب أو صديق عن رحلته ومساره.

وأضاف»في حال تعطلت السيارة في وسط الصحراء يجب عليك عدم ترك السيارة، وتوفير الزاد والطاقة، والهدوء وعدم التشتت، وعدم استخدام الماء إلا عند الحاجة القصوى، عدم التعرض للشمس، والبعد عن الرياح حتى لا يتعرض الجسم للجفاف».