أتذكر خبرا قديما في أحد الصحف كان يتحدث عن قوائم الانتظار لعمليات الماء الأبيض بالمملكة وأنها تصل إلى عشرات الآلاف، لا أتذكر الرقم تحديداً لكنه قد يقترب من الـ 30 ألفا إن لم يكن أكثر، وهذا العدد كان متوقعا زيادته خلال السنوات بحكم ارتفاع متوسط العمر في المملكة!.

المفارقة أن هناك خبرا حديثا تقريباً نحتفل فيه بعمل 250 عملية ماء أبيض خلال شهرين بأحد المستشفيات للقضاء على قوائم الانتظار.

يتضح جلياً مما سبق أن هناك خللا كبيرا وعدم توافق بين الحاجة وبين ما تقدمه مستشفيات العيون ومجتمع طب العيون بشكل عام في المملكة.

هل 250 عملية خلال شهرين يعد عددا كبيرا بالنسبة لعمليات الماء الأبيض؟ افتراضاً أن العمليات قد أجريت خلال 40 يوماً في هذين الشهرين، هذا يعني أن المعدل هو 6 عمليات باليوم! هذا العدد في الواقع ضعيف جداً بالنسبة لعملية تتراوح مدتها بين ثمان إلى خمس عشرة دقيقة، وتعد من عمليات اليوم الواحد، ولا تتطلب أي تنويم أو عناية فائقة بعد العملية، كما أن التخدير في أغلب الأحيان هو تخدير موضعي، ناهيك أن عددا كهذا بالنسبة لعدد سكان المملكة يعد لا شيء.

الماء الأبيض يعد من أهم أسباب العمى القابلة للمنع وعلاجها سهل بعملية سهلة تغير من حياة المريض وتعيد البصر له خلال دقائق. يتجه كثير من المرضى إلى العيادات الخاصة للأسف بسبب طول قوائم الانتظار غير المبررة في المستشفيات الحكومية. إن طول قوائم الانتظار لا يلام فيه الطبيب فقط بل بشكل أكبر المنظومة الصحية التي يعمل بها الطبيب.

كل عملية من هذه تتطلب تجهيزات ومعدات ذات تكلفة معينة وزيادة عدد العمليات اليومية سيتطلب زيادة في التكاليف والتجهيزات.

إن كنا نريد أن نقيس إنتاجية أي من مستشفيات العيون لدينا علينا التركيز على قوائم الانتظار التي لا يجب أن تتجاوز 3 أشهر بأي حال من الأحوال، وكذلك عدد العمليات التي تجرى في مختلف التخصصات. عملية كالماء الأبيض في مستشفى متخصص بالعيون ينبغي أن تجرى بمعدل لا يقل عن 50 -60 عملية يومياً على الأقل (15-20 عملية في (المستشفيات غير التخصصية)، هذا إن كنا نريد تقديم خدمة نطمح من خلالها لإصلاح الخلل ومواكبة الزيادة العمرية بالسكان وتقليل قوائم الانتظار بشكل دائم وليس وقتيا.

إحدى الدراسات توصي بإجراء ما لا يقل عن 3000 عملية ماء أبيض لكل مليون نسمة من السكان سنوياً لمنع العمى الناتج عن الماء الأبيض. هذا يعني لعدد سكان بحجم المملكة، نحتاج ما يقارب 100 ألف عملية ماء أبيض سنوياً.

أكتب هذا الكلام وفي الوقت نفسه أنا سعيد بوصول خدمات طب العيون في الوقت الحالي لكثير من المناطق حول المملكة، وتوفر خبرات لتقديم الخدمة لهم في مناطقهم، بعد أن كان عليهم تكبد عناء السفر للمدن الكبيرة وإجراء العمليات هناك.

لنجعل التحدي القادم هو توفير خدمة تنافسية على مستوى عال، تقلل من عناء الانتظار وتوفر للمريض العملية في الوقت المناسب.