من قال إن الصحوة انتهت فهو واهم، هي في كل مكان وتظهر في أي زمان وكلما حاولت التخفي برزت أكثر، مهما حاولت ركوب موجة تتناسب مع غالبية التكوين السكاني للمملكة من الشباب، إلا أنهم ظاهرون، لا مظاهر الصلاح تخدعنا ولا خوافي الأطماع ستستغفلنا مرة أخرى، ولا للمزيد من استغلال الدين وتشويهه لاستدرار عواطف الجماهير، وما حصل في الفترة السابقة يجب أن نخرج منه بضوابط عديدة أهمها:

-أن حب الوطن عبادة.

-وطاعة ولي الأمر عبادة.

-وأن التمظهر الذي كانت تقوم به الصحوة ما هو إلا نفاق ورياء.

-وأن الصمت عن ممارسات الصحوة يساوي المشاركة في أفعالها.

-وأن الاعتدال هو الدين والصحوة هي التطرف.

-وأن الدين لا يحارب العلم بينما الصحوة حاربت العلم ونشرت الجهل والتخلف.

أما عن أكثر الإستراتيجيات التي يمررها حاليا رواد الصحوة ومريدوها لإحداث فجوة بين المواطن والدولة فهي إستراتيجية «التشكيك»، فكلما صدر قرار أو استحدث أمر فعلوا التشكيك .

فيستغلون لأجل ذلك المناسبات الدينية والاجتماعية كافة، ويبدؤون في الشحن والتحريض وبث سمومهم بتداول أسعار سلع سابقة ونسبها لفترة ماضية، فيبدأ مريدو الصحوة بالتحلطم والتباكي كعادتهم.

وأكثر ما يعتمدون عليه حاليا أيضا في حلتهم الجديدة إستراتيجية إظهار حب الوطن الإقصائي بإثارة النعرات القبلية والعنصرية، فتكثر هاشتاقات المدح التي تحمل اسم مدينة ما أو قبيلة قامت بفعل متطرف يدغدغ مشاعرهم ويعزز نشوتهم، كما حدث سابقًا من احتقار وجود النساء في بعض الفعاليات والمناسبات وما نتج عنه من قصائد مدح وشيلات، أو الفرح لتعطيل قرار وزاري من بعض المسؤولين والمسؤولات وتبادل ذلك على أنه عمل بطولي.

النوع الآخر من الصحويين حاليا، فئة تطعن بالعلم بكل شكل من الأشكال، ولأنهم حُجِموا في التعليم نوعا ما، اتجهوا في هذه المرة إلى الطب الذي هو أيضا اتخذ مسارين في التشكيك، مسار تجد فيه

الطبيب هو من يروج ويشكك في الأدوية والمكملات، ويدفع بعامة الناس إلى علوم الطاقة والتضليل في العلاج. ومسار آخر يهاجم الطب وهو من خارجه، فيبدأ بكتابة رسائل ومقالات وتغريدات فحواها

التشكيك في كل علاج طبي، وأن الطب ما هو إلا وهم وأن العلاج الحقيقي هو ما بين يدي العطار.

ولعل أكثر ما ساعد مريدي الصحوة في التواصل مع الآخرين هو التظاهر بإدلاء (النصيحة)،

والإلحاح على القارئ بوجوب نشر العلم الذي أعده من مراجع الجهل ثم ذيل ما كتب بعبارات تدّعي وصول رزق قادم، أو حدوث غضب عارم. فما أن يقرأها القارئ إلا ويصاب بحالة من الذعر وتأنيب الضمير فيرسلها وهو تحت تأثير التهديد والخوف.

المواطنة الصالحة عبارة عن قيم ثابتة لا يجب أن تتأثر أو تهتز بما يعاكس توجهاتها فالوطن للجميع

والكل فيه مسؤول ومكلف بالرد على كل من يسيء للوطن، ولا شك أن الصحوة هي أكثر من أساء

للإسلام بالانحراف نحو الكراهية والتطرف، وللوطن بالانجراف نحو العنف والإرهاب.