كثيرون الذين يظنون أن «آسف» هي بمثابة «زر مسح»، وكأننا نُرمم بتلك الكلمة، وكأن الشعور لا يُخدش، تاركا ندبة أبدية، وكأن أمر الأحاسيس ليس مُعقدا، لدرجة أننا قد نتوه زمانا على أثرها، وكأن مكانتهم مقدسة لا تُدنسها أفعالهم، على الرغم من أنهم تقلدوها بها، وكأن عرشهم بداخلنا لا يُهدم على يد ثُوّار قاموا في لحظة خذلان، جنودهم الذين وقفوا بوجهنا دهرا قد ينقلبون ضِدَهم بِسببِهِم، وكأن للثقة صك ملكية بحوزتهم.

آه، وهذا هو ما يقصم الظهر، الثقة حين تُمنح لمن لا يستحق، لمن ليس كفئا لها، الثقة هي ما تجعلنا نبني توقعات لا تمت للواقع بصلة، لأن أساسها فاسد. الثقة الممنوحة عن حب هي بمثابة الرشوة، لأن الثقة استحقاق يُنال بشرف الإثبات والعشرة والمواقف.

• ثقة ثم حب: هذه معادلة صحيحة.

• حب ثم ثقة: هذه المعادلة فيها خلل، قابل لنتائج ذات كسور!.

ولكن كحال كل شىء في هذه الحياة، لا بد أن نُسلم الآن، كل شىء قابل للتغيير، نحن أساسا عبارة عن دورة كاملة من المتغيرات، فلماذا نتوقع ثوابت من متغيرات مثلنا؟.

كل شىء مطلق سراب!. في الحقيقة فكرة الأبدية ما هي إلا بمثابة أمل، في كثير من الأحيان، هو كاذب للأسف، فكرة نعيش على ضيائها، فلا أحد يمسك الضوء، لكننا نسير عليه، ونرتب أيامنا تزامنا مع وجوده، نستمر لأننا نردده كتلاوة، وكم منحنا من فرص لمجرد فكرة للأبد، وفتحنا صنبور العمر بكل إسراف، صرفناه على شكل شيكات مفتوحة الرصيد، على الرغم من أن الرصيد عمر محدود، وما صرف منه مفقود للأبد حقا.

«آسف» هي رشوة ذلك الأمل، وهي لوحة حياتنا الجميلة، لأنها الفنان والريشة والألوان.

«آسف» نوتة تُعزف على أنغام للأبد، وعطر هي قاعدته، وهذا ما يجعل للأغاني والعطور مفعولا سحريا يعود بنا في لحظة لشعور تركيبة «آسف» الصعبة نفسه: بين قلب وشعور ونفس، وبين عفو وصفحة جديدة، ونحن بين ما توقعنا وما حدث، وبين ما نريد وأبعد ما نخاف.

بين «آسف» وهم ونحن تتغير المواقف، وتُعاد صياغة المشاهد، وتنتهي القصص.