على مدى السنوات الثلاث الماضية، كان مؤيدو التوجه الفلسطيني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ونظام الفصل العنصري من خلال حملة لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية وتوقيف الاستثمار في الشركات الإسرائيلية والشركات الدولية التي تعمل في إسرائيل يقولون إن نموذج جنوب أفريقيا في إنهاء نظام الفصل العنصري وإتاحة المجال أمام نظام انتخابي يعتمد مبدأ "شخص واحد صوت واحد" هو الطريق الوحيد المتبقي لضمان حقوق الإنسان للفلسطينيين. غالبا ما يجري منظمو المقاطعة مقارنة مع الكفاح في جنوب أفريقيا. يقول مؤيدو المقاطعة إنها إذا نجحت في جنوب أفريقيا فإنها يمكن أن تنجح في إسرائيل. وغالبا ما يشير منظمو المقاطة ووقف الاستثمار إلى آخر رؤساء جنوب أفريقيا دوكليرك في فترة نظام الفصل العنصري، واعترافه الحكيم بأن الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا لا يمكن أن تستمر في اضطهاد الغالبية السوداء.

يقول منظمو المقاطعة إنه ربما يكون هناك من يشبه دو كليرك في إسرائيل. جهود مقاطعة إسرائيل تتحرك ببطء ولكن بثبات نحو العدالة. منذ فترة وجيزة وسع أحد أكبر الأسواق التجارية في بريطانيا رفضه للبضائع المنتجة في المستعمرات الإسرائيلية. التبني العالمي للمقاطعة سيوجه ضربة هامة للحياة الاقتصادية لمفهوم "الدولة اليهودية".

حتى الآن، لم يظهر من يشبه دوكليرك في إسرائيل. القادة الإسرائيليون الحاليون متمسكون بإيديولوجيتهم الصهيونية للفصل العنصري، لكن الأحداث الأخيرة تبين أن الجدال الذي سيطر على جنوب أفريقيا في الثمانينات من القرن العشرين بدأ في الداخل الإسرائيلي الآن، والذي يتمحور حول فكرة أن رفض نتنياهو فهم حقيقة أن إسرائيل ما لم تتعامل بعدالة مع الـ4 ملايين فلسطيني الذين يعيشون تحت احتلالها الوحشي، فإنها سوف تقضي على نفسها.

لقد أصيب نتنياهو بصدمة كبيرة عندما قال رئيس الأركان الإسرائيلي بيني جاتز إن قادة إيران "أشخاص عقلانيون جدا"، وإنهم لم يقرروا بعد إذا كانت إيران ستصنع قنبلة نووية. وأضاف جاتز أن المرشد الأعلى للثورة في إيران خامنئي سيرتكب خطأ جسيما لو فكر بصنع سلاح نووي، لكنه لن يذهب أبعد من اللازم.

كانت القضية هي إيران، لكنْ تحتها قلق عميق بأن نتنياهو، وليس الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أو زعيم حماس خالد مشعل، هو الذي يرفض في الحقيقة الجلوس إلى الطاولة لمناقشة إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة بجوار إسرائيل.

الدوائر السياسية الأميركية بدأت تدرس مباشرة فيما إذا كان ممكنا لرئيس وزراء إسرائيل ووزير دفاعه أن يوجها أمرا بالقيام بضربة عسكرية كبيرة ضد إيران دون موافقة الحكومة الإسرائيلية. الاستنتاج الجماعي حتى الآن هو أنهما لا يستطيعان ذلك، بحسب القوانين الإسرائيلية الحالية، لكن هذا لا يعني أنهما لن يوجها أمرا بالقيام بالضربة.

وقبل أن يستفيق نتنياهو من تصريح جاتز، وجه رئيس الاستخبارات الإسرائيلية الداخلية (شين بيت) السابق ديسكين ضربة أشد وأقوى، حيث قال إنه لا يثق بقدرة القيادة الإسرائيلية الحالية على التعامل مع الأزمة. بعد ذلك في 29 أبريل، وصلت المعارضة ضد سياسة نتنياهو وباراك إلى أميركا في مؤتمر عقدته صحيفة جيروزاليم بوست. في هذا المؤتمر تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت ورئيس الأركان الإسرائيلي السابق جابي أشكينازي ضد ضربة إسرائيلية أحادية الجانب ضد إيران. بعد ذلك صرح أولمرت في 30 أبريل لتلفزيون (CNN) أن "النظام الإيراني لم يتجاوز خطا محددا لتطوير البرنامج النووي. ذلك يظهر أنهم على الأقل عقلاء، وهذا يعني أنهم لا يتسرعون، لكنهم يحسبون خطواتهم." وأضاف أولمرت "في نفس الوقت، علينا أن نوجد القدرة على الدفاع عن أنفسنا في حال أنهم لم يوقفوا برنامج الأسلحة النووية... وعلينا أن نشجع المجتمع الدولي – بهدوء ودون أن نتحدث أكثر - لاتخاذ إجراءات، عقوبات – ولكن أيضا بعدم التسرع نحو عمل عسكري. آخر ملجأ هو العمل العسكري، وأنا أفضل أن يكون عملا أميركيا، مدعوما من المجتمع الدولي، إذا فشلت كل الجهود الأخرى".

في مؤتمر صحيفة جيروزاليم بوست في نيويورك، أضاف أشكنازي صوته إلى أصوات النقاد الإسرائيليين ضد الحرب على إيران قائلا إن العقوبات الاقتصادية تحتاج بعض الوقت لكي تؤثر. وأضاف "ما زلنا نمتلك الوقت. وقت العمل ليس غدا صباحا." أولمرت وأشكينازي وديسكين أصوات تمثل المؤسسات الإسرائيلية التي تضغط الآن لتضمن أن سياسة الأقلية التي يقودها نتنياهو لا تستطيع أن تتجاوز المصلحة الوطنية لإسرائيل. بعض هؤلاء "رجال شارون" الذين أسسوا حزب كاديم، الذي يرأسه حاليا وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز. قد يكون هذا هو التجمع الذي يطيح بنتنياهو، مع أنه لا يزال الوقت مبكرا لقول ذلك.

لقد رفض الفلسطينيون بشجاعة وبسالة أن يعقدوا اتفاقا مع الحكومة الحالية التي يقودها بنيامين نتنياهو، ورفضوا أن يرضخوا لمطالب البيت الأبيض ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير. نقل القضية الفلسطينية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، الحملة البطيئة ولكن الثابتة والعادلة من أجل حقوق الإنسان ضد الاحتلال الإسرائيلي ونظام الفصل العنصري، الكفاح البطولي للسجناء الفلسطينيين يمكن أن يدوم بعد زوال حكومة نتنياهو.