بالتزامن مع نهاية التجربة الانتخابية التي أجريت في العاشر من الشهر الجاري، وما دار حولها من شبهات وتساؤلات، وصلت إلى حد الطعن بها، يأتي الإرهاب مرة ثانية ليضرب المدن والقرى الآمنة، وتحديدا مدينة «ديالى» التي تحدها خمس محافظات، إلى جانب امتلاكها حدودا طويلة مع إيران، لذا تعد حلقة وصل مهمة بين الشمال والوسط.

كما تعتبر هذه المحافظة من المحافظات المهمة في الإنتاج الزراعي، من ناحية الحمضيات أو من ناحية إنتاجها القمح، حيث تعتبر من الأراضي الخصبة في الإنتاج ومن النوعيات المتميزة في البلاد.

كما تتميز هذه المدينة ذات مليون ونصف المليون نسمة بتنوعها القومي والمذهبي، وما تميزت به هذه المدينة أيضا هو التعايش الاجتماعي بين مكوناتها، والتزاوج بين عوائلها، حتى أصبحت مكوناتها متماسكة من حيث العمق القبلي أو حتى من حيث العلاقات الاجتماعية فيما بينهم، مما جعلها تعيش أجواء هذا التعايش طيلة سنين مضت.

لا شك أن الوضع الأمني في العراق يخضع للتأثيرات الداخلية والإقليمية وحتى الدولية، إذ لا ريب أن هناك اتساقا في التأثير بين الوضع الإقليمي والدولي من جهة وبين الوضع الداخلي من جهة أخرى. وقد تحاول بعض الأوساط التشويش وإلفات النظر عن الانتصارات المتحققة في الداخل إلى أحداث الخارج الساخنة، إلا أن الوضع الأمني، في الآونة الأخيرة، كان لافتا في تطوراته، وشكّل انتقالة سريعة في الأحداث العسكرية الجارية في «كركوك» و«ديالى»، وكذلك الانتصارات المتحققة في جبهة «الموصل».

يحاول الإرهاب فتح جبهات أخرى له، لتخفيف ضغط القوى الأمنية على هذه المجاميع، ويحاول فتح هذه الجبهات في العاصمة (بغداد) من خلال إثارة موضوع النازحين، والدفع بهم باتجاه العاصمة، وإثارة ضجة إعلامية من جهة أخرى، وفتح ثغرات في الجبهة الغربية للعاصمة، خصوصا بعد الخرق الأمني الذي حدث في شمال بغداد، وتحديدا بقضاء الراشدية، بالإضافة إلى تعويض الخسائر المتكررة للتنظيمات الإرهابية، خصوصا «داعش»، في «صلاح الدين» و«ديالى» والأنبار، والتي منيت بخسائر كبيرة، وتفتتت أغلب شبكاتها العنكبوتية وحواضنها الإرهابية. لا أعتقد أن الملف الأمني يمكن أن يتقدم ما لم يكن هناك تقدم ونجاح سياسي، من خلال تفعيل ملف المصالحة الوطنية في المحافظة، وإيجاد أرضية بين المكونات السياسية.

كما أن الملف الأمني سينجح إذا تحققت أسس المصالحة الوطنية وتم تفعيلها، والتي تحتاج إلى تكاتف الجميع مع وجود النية الصادقة في بناء عراق جديد، تعيش فيه المكونات السياسية والمذهبية بحرية ورفاه.