نشهد اليوم انفتاحا غير مسبوق في البيئة العدلية السعودية، ويتزامن هذا الانفتاح مع التغيرات الكبرى، التي تشهدها البلاد على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، وغيرهما، مما يحتم على المشرع اعتماد التنوع وتغليب المصلحة في كل الشؤون.

وآليات العدالة والتقاضي لم تكن بمعزل عن حركة التطور والانفتاح، ولعلي أضيف هنا فكرة أخرى أرى أنه حان وقتها، وهي اعتماد هيئات المحلفين السعوديين، على أن تشرع لها تنظيمات ملائمة للقوانين السعودية.

وأول ما أبدأ به، ألا تكون الهيئة من أشخاص غير ملمين بالقانون، كما نرى في عدد من دول العالم.

بل أرى أن تكون الهيئة من أصحاب التخصص وفقهاء القانون، مع وضع شروط عامة، كأن يكون ذا سمعة حسنة، وأن يخلو سجله من السوابق الجنائية، إضافة لانتفاء المصلحة بينه وبين أطراف الدعوى المنظورة، وغير ذلك من شروط يرى المشرع وجاهتها.

إن وجود هيئة من المحلفين أصحاب الاختصاص، أمر في غاية الأهمية، فالقانون عمل تراكمي ونتاج خبرات و تجارب، وفي كل جلسة محاكمة تنعقد، يوضع على المحك مصير إنسان وسمعته وأسرته وربما حياته، وهنا تكون مشاركة المحلفين للقاضي في نظر القضية وإبداء الرأي، ذات قيمة كبرى للعدالة، كما أن عمل المحلفين بديلا عن عمل القاضي التقليدي، بحيث يكون القاضي موجها لهيئة المحلفين، وهوعمل يفتح مجالا أكبر لقراءة ما بين سطور القضية، من وجهات نظر مختلفة.

على نطاق العالم ثمة 40 دولة تطبق التجربة الأمريكية، حيث يتم اختيار المحلفين من عامة الشعب، كما توجد 12 دولة تطبق صورا أخرى تناسب قوانينها و بيئاتها، على أنني لا أعلم بوجود دول عربية وإسلامية تطبق هذه الفكرة، وعليه أدعو أن تكون السعودية رائدة إسلاميا في هذا السياق.

الواقع أن لدينا فلسفة قانونية، بدأت ملامحها بالظهور، وقيادة سياسية تعمل على التغيير للأفضل، ومجتمع مرن ومتطور، وهذه كلها عوامل تساعد على تبني أفضل الرؤى والممارسات القانونية، التي نجحت في العالم، ومن ضمنها اعتماد قانون المحلفين السعوديين.