حسب الأرقام المنشورة في موقع البنك الدولي، فمن المتوقع أن يزداد أعداد الفقراء في العالم نتيجة جائحة «كوفيد-19» نحو 115.88 مليون شخص، ليصل مجموع المصنفين تحت خط الفقر المدقع عالميا إلى ما بين 703 ملايين و729 مليون شخص. تاريخيا، وقبل جائحة «كورونا»، كان هناك انخفاض لمعدل الفقر المدقع في العالم من 10.1% في 2015 إلى 9.2% في 2017، يعادل ذلك فوق 600 مليون شخص يعيشون على أقل من 1.90 دولار للفرد في اليوم، ولكن زادت الجائحة نسبة الفقر بالعالم إلى أرقام تاريخية، هي الأسوأ منذ عشرين عاما.

محليا، وفي خضم تلك المآسي العالمية، تبرز لدينا ظاهرة مخالفة، وهي «الهدر الغذائي» التي تتنافى تماما مع جميع القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية، حيث تشير الأرقام إلى وصول فاتورة «الهدر الغذائي» إلى أكثر من 40 مليار ريال سنويا نتيجة إهدار 4 ملايين و66 ألف طن سنويا.

أعتقد أن هذا الموضوع الشائك يحتاج إلى العديد من الحملات والخطط الإستراتيجية، لتقليل الفائض والهدر الغذائي، وتغيير ثقافة مجتمع كامل، وسن القوانين قد يسهم في تسريع تلك الثقافة، ومنها:

1. تغيير كمية الأرز المقدمة في المطاعم أو ما يسمى «نفر الأرز»، التي تتجاوز 600 جرام، وإلزام المطاعم بعدم تجاوز الـ350 جراما للشخص، مع إمكانية الإضافة المجانية عند الحاجة.

2. إلزام مرتادي المطاعم بدفع غرامات إضافية للفوائض الكبيرة.

3. إلزام المطاعم بالاقتصاد في البوفيهات المفتوحة، والتعاقد مع جمعيات «حفظ النعمة»، تفاديا لهدر تلك الكميات من الغذاء.

4. تنفيذ رقابة ميدانية على قصور الأفراح، وربطها بغرامات كبيرة، ورسم كمية محددة للأشخاص، لعدم تجاوز الحد المسموح من الغذاء.

ثقافة المجتمع قد تحتاج إلى سنوات طويلة لتغييرها، والحل الأمثل هو مكافحة تلك الثقافة بالقوانين الصارمة. وقد رأينا في وسائل التواصل الاجتماعي، الأسبوع المنصرم، أحد الفيديوهات المستفزة من أحد السفهاء (رفع الله عنه) بتقديمه خروفين كاملي الدسم لرجلين فقط (كل منهم على صحن) كشكل من التفاخر، أو ما يسمى باللهجة الشعبية «الهياط المجتمعي»، ورأينا قبلها لأعوام طويلة الكثير من تلك المظاهر والبذخ «المقزز»، فمن الحكمة والمنطق أن نتبنى شعار «النقص ولا الزود» عند التعامل مع الغذاء، لكي لا نكون من المبذرين «أشباه» الشياطين، وعلينا تذكر المقولة العظيمة «اخشوشنوا، فإن النعم لا تدوم».