قال الشاعر أحمد شوقي:

وللأوطان في دم كل حرٍ *** يدٌ سلفت ودين مستحق

حب الأطفال للوطن يجب ألا يقل مرتبةً عن حبه لأبويه، إذ بغير وطن لا وجود للأبوين وبغير الأبوين لا وجود للأبناء.

لأن الوطن للإنسان هو العزة والكرامة والمجد والحضارة والأمن والاستقرار.

ومما لا شك فيه إن تربية الأبناء على حب الوطن من المعاني المهمة التي يجب أن يعتني بها الآباء والمربون لأنه يولّد عند الأبناء الولاء والانتماء والعمل المتواصل لنهضة ورفعة وطنهم، كما أنه يعلمهم أن هناك هدفا أكبر يعيشون من أجله في هذه الحياة، يتعدى هذا الهدف المصلحة الشخصية إلى المصلحة العامة الجماعية.

ومن المتفق عليه أيضًا أن الوطنية هي محصلة للمواطنة، فالوطنية شعور بالحب والوفاء وانفعال وجداني بينما المواطنة فهي سلوك وتصرفات الفرد تجاه وطنه، فلا وطنية جيدة، بدون مواطنة جيدة، لكن المواطنة يمكن أن تتم دون وطنية، فالوطنية ذات صلة بالتاريخ والهوية.

أما المواطنة فهي التناغم والإيقاع الحياتي اليومي لذا يجب أن ننمي هذا الجانب عند الأطفال كمربين للأطفال خاصة في ظل الانفتاح الإعلامي وانتشار الغزو الفكري.

ويتم ذلك بطريقتين حسية ومعنوية، فالطريقة الحسية فتكون بمشاهدة خيرات الوطن وفضائله ونعمة وتوفر سُبل الحياة الكريمة التي أنعمنا بها الله سبحانه وتعالى في أوطاننا وشكر الله على تلك النعم.

أما الطريقة المعنوية فتكون بشحن النفس بأهمية الوطن وقدسيته لدى المواطن، إذ أنه بغير وطن يعيش شريدا لا قيمة له ولا قيم.

ولا بد من التركيز على أن حب الأوطان من الإيمان فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ضرب أفضل الأمثلة في حبه لوطنه عندما خرج من مكانه وبلده الذي ولد فيه «مكة» فكان يخاطبها وعيناه تسكبان الدموع «والله يا مكة لأنت أحب البلاد إلى الله، وأحب البلاد إلى قلبي، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت».

وكذلك سعيه – صلى الله عليه وسلم – في نهضة بلدته وأمته بنشر قيم الخير والعدل، ومحاربة قيم الظلم والشر، فالنبي - صلى الله عليه وسلم- جلس في مكة ثلاث عشرة سنة لم يكل ولم يمل، ولكنه ثابر وصابر من ,أجل هداية قومه وإخراجهم من الظلمات إلى النور، ويظهر ذلك جليّا من خلال صعوده – صلى الله عليه وسلم – على جبل الصفا وندائه على قومه وإبلاغهم لرسالته.

وكذلك للآباء تنمية روح المواطنة بتنفيذ بعض الانشطة البسيطة مع الأطفال مثل شراء الأعلام والرايات والتي تبرز معنى الوطنية وحب الوطن وتشجيعهم على إبراز حبهم لوطنهم بالتعبير عن ذلك الحب بالكلام والكتابة والشعر والمناقشات بينهم وبين الوالدين و حفظ الأناشيد الوطنية وترديدها على مسامعنا ومسامع أبنائنا، فذلك يُعطي رغبة نفسية شديدة بالانتماء للوطن وحبة وتقديم الروح من أجله.

ونظرا لأهمية مرحلة الطفولة المبكرة وأثر السنوات الخمس الأولى في حياة الإنسان أهمية في تكوين شخيصة الطفل وبلورة أفكاره وتشكيل سلوكه المستقبلي فإن تنمية الاتجاه نحو المواطنة يساعد الطفل على اكتساب مهارات الحياة وتكوين اتجاه إيجابي نحو المسؤولية الاجتماعية والتعايش مع الآخرين، واحترام حقوق الآخرين كباراً وصغاراً يجب أن تركز الروضة على الأنشطة الهادفة كالمشاركة في حوار من خلال الأنشطة المقدمة لهم عن الوطن أو عن أشخاص فقدوا أوطانهم ومدى الغربة التي يعيشونها وعرض صور ونماذج لرموز وطنية وعمل زيارات للمتاحف والأماكن التاريخية في البلد، وعرض قصص مصورة وتفعيل دور المسرح في هذا الجانب، وتزويد الأطفال بالمهارات اللازمة لفهم الحقوق والواجبات.

والحقوق تشمل كل ما يكفله الوطن لهم من حقوقهم في روضتهم ودائرتهم التي يعيشون فيها واستغلال الأنشطة البدنية والرياضية في تنمية المعارف والمهارات التي تمكن الأطفال من تطوير قدراتهم الاجتماعية مثل العمل ضمن فريق والتضامن والتسامح، والروح الرياضية وتطوير المنهج بالتوسع في إبراز قيمة الوطن والمواطنة لمواجهة الغزو الفكري الناتج عن الانفتاح الإعلامي وانتشارا للأجهزة الإلكترونية الحديثة.

حفظ الله أوطاننا وأدام علينا الأمن والسلام والرخاء. .