الأداء المسرحي الارتجالي هو أحد أنواع الأداء الفني الذي يعتمد على قدرة الممثلين المسرحيين العالية على تخيل مسار الأحداث، وبالتالي ارتجال المحادثات بشكل بناء، يسهم في الوصول إلى الهدف المرسوم للمسرحية، ومثل هذه الأعمال الفنية تتطلب جهدا ذهنيا عاليا للتخاطب بين الأطراف المشاركين على خشبة المسرح، والذي يعني أن يبدي كل طرف اهتماما كبيرا بالعناصر المشتركة في المحادثة، ومن هذه العناصر المشتركة تنطلق الأحداث المتفق عليها، أو حتى غير المتفق عليها ما دامت تسير في اتجاه الهدف المرسوم للمسرحية.

تعد المحادثات للبشر الوسيلة الأولى لهم في التفاعل مع بعضهم البعض، حيث إن التخاطب هو الوسيلة الأفضل للتعاون، فباللغة يتم التفاهم حول الموضوعات التي يوجد لها بين المتحدثين اهتمام مشترك. وبشكل عام، كلما كان هناك أساس للتفاهم أو للتحادث كلما كان النقاش بناءً وشيقا، ويفضي إلى نتائج إيجابية، تماما كما في الأداء المسرحي الارتجالي.

روبوتات المحادثات الآلية، أو ما يعرف بالـ«شات بوت»، في تخاطبها مع المستخدم تحاول تقمص شخصية البشر، لتبدو أكثر واقعية، ولتضمن استمرار المحادثة بشكل شيق مع المستخدم، إذ تستخدم أنظمة الـ«شات بوت» عددا من الوسائل الفكرية في أثناء المحادثة، لاستلهام اهتمام المستخدم، مثل السؤال عن ماذا يعني المتحدث بجملته الأخيرة؟، أو حتى فتح موضوع جديد لجذب انتباه المستخدم، ولكن علماء من جامعة جنوب كاليفورنيا (University of Southern California) كانت لهم نظرة مختلفة هذه المرة، حيث صمموا «شات بوت» يقتبس أسلوبه من المسرحيات الارتجالية، حيث طور الباحثون خوارزمية تسعى في أثناء المحادثة إلى خلق اهتمام مشترك بينها وبين المستخدم، إذ تحرص الخوارزمية على التنبؤ بمسار المحادثة، وبالتالي تتحدث عن الأشياء المرتبطة بهذا التنبؤ. بصيغة أخرى، فإن النظام يعتمد على الحديث الحالي للوصول للاهتمام المشترك التالي، وهو ما يعرف بمبدأ «نعم وأيضا» عند المتخصصين في علوم «التخاطب الارتجالي».

أنظمة الـ«شات بوت» التي تعتمد على مفاهيم «التخاطب الارتجالي» تم العمل عليها من قِبل عدد من العلماء في السابق، ولكن النظام المطور بجامعة جنوب كاليفورنيا تفرد باستحدام أحدث خوارزميات المحادثات الآلية، إلا أن بناء أي نظام ذكاء اصطناعي حديث يتطلب وجود قواعد بيانات، لتتعلم منها الخوارزميات، وهو ما كان مفقودا هذه المرة، مما جعل الباحثين يحتاجون، في بداية الأمر، إلى بناء قواعد بيانات بها محادثات تعتمد على مبدأ «نعم وأيضا»، وهو ما تطلب كثيرا من الجهد والوقت، ولكن في نهاية المطاف كانت نتائج الخوارزميات المطورة من قِبلهم مبشرة للغاية.