هناك دائما بحث في منطقة الضحية لا في منطقة المجرم، أو بحث لتبرير الجريمة لصالح الجاني ضد المجني عليه. في الواقع أن خطورة هذه الجريمة الأخلاقية لا علاقة لها بسلوك الضحية، ولها كل العلاقة بسلوك المعتدي، بدليل أن التحرش يمارس حتى مع الأطفال الصغار، مما يدل على أن هناك نفسية مريضة تحتاج للعلاج ويجب أن تعالج من الجذور. المملكة فرضت عقوبات للمتحرش تصل إلى السجن حتى خمسة أعوام، وغرامة تصل إلى 300 ألف ريال أو إحدى العقوبتين. وقد بدأ العمل بالقانون منذ 4 سنوات تقريبا. اليوم في نظري يجب أن نتخذ موقفا أكثر تقدما وصرامة وهو أن تبرير سلوك الضحية هو خطيئة بحد ذاتها، وأن المجرم يبقى مجرما بصرف النظر عن خطأ الضحية، هذا على افتراض الخطأ الوارد من الضحية، لكنه في كل الأحوال لا يبرر خطأ أكبر منه. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن جرائم التحرش في بلادنا هي في المقام الأول جريمة ثقافية قبل أن تكون جنسية غريزية!، وعليه يجب على المؤسسات المجتمعية في المملكة استغلال المناسبات العالمية والوطنية كافة، لرفع الوعي في هذا الجانب تحت شعار «لا مبرر للتحرش» خاصة وأن المجتمع الدولي، سيحتفل بعد غد الخميس، باليوم العالمي «لمكافحة العنف ضد المرأة»، حيث حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 نوفمبر «اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة» والهدف من ذلك اليوم هو رفع الوعي حول مدى حجم المشكلات التي تتعرض لها المرأة حول العالم، مثل التحرش والاغتصاب والعنف المنزلي وغيره من أشكال العنف المتعددة. وعندما تذهب للإحصائيات العالمية تجد أن التحرش في العالم الغربي الذي يفترض أنه أكثر تحررا وانفتاحا أقل نسبة من التحرش في العالم العربي الذي يفترض أنه أكثر محافظة، وفي المقابل تجد أن صوت التحرش أعلى في الدول الغربية.. لماذا؟ الجواب: أن النساء هناك دائما ما يبلغن عن قضايا التحرش ويطالبن بحقوقهن بكل جرأة ودون خوف، أما عندنا في العالم العربي فتنطلق مفاهيم الشرف والعفة والسمعة وغيرها من المفاهيم التي تحد المرأة العربية من الإفصاح عن وقائع التحرش، وخوفها من اتهامها بأنها السبب فيما حصل عليها من عدوان. أخيرا أقول: إذا كان التحرش بالنساء جريمة في المملكة فيفترض أن يكون لوم الضحية جريمة من باب أولى.