تطلق كلمة حضارة على ماتتميز به الأمم من مخزون علمي وثقافي وابداعي، ومنذ بدء الخليقة، استطاعت بعض الأمم إبقاء حضارتها شامخة وممتدة عبر التاريخ، وخير مثال، الحضارة اليونانية التي قامت من أكثر من 3000 عام ولاتزال إبداعات أرسطو وأفلاطون وكتاباتهم الفلسفية، حاضرة عبر الزمن. صمدت نظرية فيثاغورس كمرجع مهم بالعلوم منذ ذلك الزمن الغابر، ومازال عشاق الأدب يتغنون بقصائد هوميروس التي خلدها التاريخ الإغريقي المجيد. وما قدمته الحضارة الإغريقية ينطبق بشكل وآخر على الحضارات الأخرى مع فارق الإنجازات، كالحضارات الرومانية والفرعونية، والإسلامية التي أرسلت نورها في كل الأرض، وكانت الأندلس الإسلامية هي النبتة الخضراء التي انتشلت أوروبا من ظلمات العصور الوسطى، وبذرت فيها بذور الحضارة الأوروبية الحالية.

محليًّا ومع الرؤية المباركة 2030 تقوم وزارة الثقافة بدور محوري في تأصيل وتأريخ والحفاظ على الموروث الحضاري والثقافي والفني لهذه البلاد الغالية والتي تضرب في أعماق التاريخ من آلالاف السنين. ظهرت هذه الوزارة الفتية بزخم استثنائي جعلها في مقدمة الوزارت المنتجة، والتي أصبحت محط أنظار الكثيرين من المجتمع. وكانت الدورة الأخيرة من معرض الكتاب الدولي التي نظمتها هيئة الأدب والنشر والترجمة للمرة الأولى تحت إشراف وزارة الثقافة، الأكبر والأجمل والأكمل في تاريخ معرض الكتاب، حيث شهدت مشاركة أكثر من 1000 دار نشر من 30 دولة حول العالم، وبحضور أكثر من 900 ألف زائر، وتنظيم رائع وسلس، اضفى رونقًا خاصًا على المعرض.

ومن خلال متابعتي لمبادرات وزارة الثقافة، فهناك العديد من المبادرات الثقافية و(التعليمية) الرائعة، ومنها معهد العلا للغات والذي سوف يقدم تعليم لغات مثل الفرنسية والصينية، ناهيك عن دعم الوزارة لبرامج الابتعاث (الثقافي) في تخصصات مختلفة، ومبادرات لدعم المدارس الأهلية والعالمية التي تقيم برامج لا صفّية في قطاع الموسيقى، وقد استفاد منها أكثر من 26 مدرسة.

شخصيًّا أرفع القبعة لمسؤولي وزارة الثقافة على هذا الجمال الإنساني والمعرفي، وهذا التحول التاريخي لدعم ثقافتنا وفنوننا المحلية والشعبية. وكما حافظ اليونانيون والمصريون على إرث الحضارات السابقة (الإغريقية والفرعونية) فليس من الصعوبة على رجال (الرؤية المباركة) أن يخلدوا ثقافة (عربية) (إسلامية) ضاربة في عمق التاريخ.