حقوق ليست في يد أصحابها الذين لا يعلمون استحقاقهم في الأصل، وكثير ممن يعلم ولكن لا يعرف كيف يطالب به. بعضهم يخاف ممن سيقابله، والآخر يخاف من أن تنقلب قضيته على رأسه، جميع القضايا المعقدة هي بناء على عقود بنودها غير واضحة، أو أنها تقول ما لا تفعل، السجون تمتلئ بالمظلومين الذين يحاسبون على توقيعهم عقد غير واضح في بنوده.

نأتي للعقود العقارية مع وزارة الإسكان، بعدما كانت الطريقة هي التمويل المباشر، عندما يصل رقمك بعد طابور ينتظر لسنوات، أصبحت عن طريق البنوك وتدفع وزارة الإسكان بدورها قيمة الفائدة المضافة على القرض العقاري المعتمد «500.000 ريال سعودي كحد أقصى»، ويتحمل هو ما زاد على ذلك، وبالتالي العقد السكني يدخل فيه ثلاثة أطراف، وهذا ما يجب أن تقرأه في العقد. الصادم أن هذا الكلام غير صحيح، سيكون عقدك مع البنك بدفع كامل المبلغ مع فوائده، وقيمة الدعم من وزارة الإسكان سيتم إيداعه مباشرة في حسابك البنكي، بمعنى أن البنك سيخصم قيمة القسط الشهري كاملا مع فوائده، وتنتظر إيداع الوزارة بقيمة الفائدة فقط. لماذا لم تدخل الوزارة كطرف ثالث في العقد؟ العقد يحمي البنك، وفي صالح الوزارة ولكن ضد المستفيد بكل أوجهه، فـلو تعثرت الوزارة لدفع هذا الدعم للمستفيدين شهر أو شهرين أو أكثر سيتضرر المستفيد بشكل مخيف، ولو اشتكى فإن العقود في نصها مع البنك لا خلاف فيها وأنه ملتزم بالدفع، أما التأخر في إيداع هذا الدعم متوقع لأسباب إدارية غالبا. لماذا لا يتحمل هذا التأخير البنك الذي لن يتأثر به، ولكن سيكسر ظهر المستفيد الذي قبل بالسجن المالي لتأمين مسكنه؟

امتدادا لما ذكرته أعلاه.. ماذا حدث لقائمة المنتظرين على القائمة في التمويل المباشر؟ هل تم الالتزام معهم بما وُعدوا به؟ أمر كان انتظارهم ضياعاً لأعمارهم؟


أما العقود الوظيفية (المهنية) فلها أشكال متعددة تستجد كلما كشف أحدها، أشهرها عقود التدريب المنتهي بالتوظيف والذي يجبر المنشأة على دفع تكاليف تدريب طوال سنتي تدريب!! سنتا تدريب على مهنة إدارية؟ كيف قبلت ذلك وزارة الموارد البشرية؟ نعود لحيثيات العقد فتكتب لك راتباً يحتوي قيمة تدريبك، وتقول لك سنودع لك قيمة تدريبك مثلا 2000 ريال سعودي، وسندفع 1500 ريال سعودي لجهة التدريب، الاحتيال هو تسجيلك في التأمينات كموظف براتب 3500 ريال سعودي، ويتم الاستفادة منك لرفع نطاق المنشأة كونك سعوديا، وعند المطالبة بحقك ستواجه عدم وضوح للعقد، قد يُسقط الحكم عن الشركة، وأنت لن تستطيع أخذ حقك! هذا العقد قدم من وزارة الموارد البشرية بالتعاون مع «هدف» في عام 2016 وتم الترافع لمدة سنتين حتى كُسبت القضية لصالح الموظف بعد عرض ثغرات نظام العمل غير الواضح ومعدم صلاحية العقد قانونيا، حيث إنه يجمع بين حالتين مهنيتين «موظف ومتدرب»! كيف اعتمدته الوزارة؟ وكيف استمر استخدام نصها لسنوات من دون مراجعه قانونية؟ لم لا يعاد النظر إلا إذا أتى مظلوم شجاع لديه وعي قانوني، يخسر من عمره عدة سنوات لاسترداد حق من دون تعويض لضرر حتى؟!

وغيرها كثير من العقود في مجالات متعددة يعمل بها رغم منافاتها للنظام. قد يكون من الطبيعي أن الطرف الأقوى هو من يكتب العقد، أما أن يتحايل علانية فهذه جناية متعمدة ويجب المحاسبة عليها. وليست فقط العقود التي قد تكون غير عادلة وظالمة في حقك، أحيانا قد يكون القانون هو غير العادل، قم بدورك في المطالبة بحقك وحماية المجتمع، سواء بتغيير لهذا القانون وبتنويرك كحد أدنى.