نظرة سريعة للتقارير الإحصائية التي تصدرها وزارة العدل عن حالات الطلاق بالمملكة ونسبتها العالية تكشف عن مشكلة كبيرة تعاني منها الأسر السعودية وخلل في مفهوم الأسرة لدى المجتمع.

وفي الحقيقة لا أرغب في الإطالة والإسهاب في هذا الموضوع، فهناك من هو أجدر مني للحديث عنه، لذلك سأوجز كلامي في نقاط مختصرة:

النقطة الأولى: النهضة الحضارية ما قبل وسائل التواصل الاجتماعي ألقت بظلالها على الأسرة، ولكن للأسف لم تستطع الكثير من الأسر التعايش مع هذه النهضة لسبب بسيط من وجهة نظري، ألا وهو أن الكثير من الأزواج يعيش مرحلة تكوين الأسرة بعقلية الجيل القديم، الذي يرى قوامة الرجل بمقام الاستعباد للزوجة، بينما تعيش الكثير من الزوجات بعقلية المسلسلات التي تصوّر مكانة الزوجة كملكة مدللة، متناسين واقع الحياة وأعباءها وتأثيرها في الجميع..

النقطة الثانية: التساهل الواضح في السؤال من قبل بعض الأسر عن الشخص المتقدم لخطبة ابنتهم، وقبول بعض الأزواج رغم الخلل الواضح في نفسياتهم بحجة أنه من أسرة ذات مكانة وأن النسب معهم مشرف، وانتشار ثقافة «زوجوه يعقل»، بدلاً من ثقافة «إذا عقل زوجوه». كل ذلك ساهم في انتشار حالات الطلاق، فالمرأة ليست وصفة علاجية لمن يعاني من اعتلال نفسي.

النقطة الثالثة: عدم جدية بعض الأشخاص في البحث عن الزوجة الصالحة والأسرة المناسبة للزواج من الأسباب الرئيسة لانهيار بيت الزوجية الجديد عند أول مشكلة.

النقطة الرابعة: أتت وسائل التواصل الاجتماعي لتلقي بحطبها على نار المشاكل الأسرية المشتعلة، فزادتها اشتعالاً، فأصبحت الأسرة تعيش بين نارين، نار الغربة ما بين أفرادها لانشغالهم وإدمانهم على وسائل التواصل الاجتماعي، ونار المقارنة المجحفة ما بين واقعهم المعاش والواقع السعيد المصطنع في أكثر الأحوال لدى الآخرين، فلا هم بالقادرين على الوصول لهذا الواقع الحلم ولا هم بالراضين بواقعهم.

أخيرا أرى أن الحل يكمن في تعامل الأسر مع موضوع الزواج بجدية واهتمام عند البحث عن الزوجة المناسبة لأبنهم أو عند قبول الزوج المناسب لابنتهم، كذلك تهيئة الأزواج قبل الإقدام على مشروع تكوين الأسرة وتوضيح أهمية بناء الأسرة، وأن هذا المشروع جزء من الحياة يعتريه ما يعتريها من تقلب الأحوال بين كدر وسرور، أما ما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي فيجب على كل أسرة تخصيص وقت محدد لاستخدام التقنية ودخول العوالم الافتراضية، أو على الأقل تخصيص وقت لأفراد الأسرة ليجتمعوا بعيداً عن هذه الآفة.