ساعة تلو أخرى تعلن دول جديدة من مختلف أصقاع العالم تسجيل إصابات داخل أراضيها بالمتحور الجديد لفيروس «كورونا» (أوميكرون)، الذي رصد لأول مرة في جنوب إفريقيا، ووصفته منظمة الصحة العالمية بأنه «مثير للقلق».

بينما ما زالت جنوب إفريقيا، التي اكتشف فيها المتحور الخميس قبل الماضي، الأكثر تضررا به، حيث تشهد كل يوم زيادة جديدة في عدد الإصابات. كما رصد المتحور الجديد كذلك في بلجيكا وبوتسوانا وإسرائيل وهونج كونج وأستراليا وهولندا وألمانيا وإيطاليا وتشيكيا وبريطانيا.

وإذا كانت إفريقيا قد بقيت بعيدة عن كونها من بؤر «كورونا» منذ تفشيه، فإن مصدر كل الإصابات الجديدة التي يتم إعلانها هذه الأيام تعود إلى مسافرين قادمين من الدول الإفريقية، وفي مقدمتها جنوب إفريقيا، ومن بينها ناميبيا وموزمبيق، وحتى مصر، التي أعلنت السلطات في تشيكيا أن امرأة عائدة منها حاملة ما يشتبه بأنه «أوميكرون».

تم تسجيل أول إصابة بسلالة «B.1.1.529»، التي أطلقت عليها لاحقا منظمة الصحة العالمية اسم «أوميكرون»، في بوتسوانا 11 نوفمبر لدى مواطن من جنوب إفريقيا، ثم تم رصد العدد الأكبر من المرضى بها، الذي تجاوز 80 مصابا.

وتحمل هذه النسخة عددا قياسيا من التحورات، يبلغ 50، بما في ذلك أكثر من 30 طفرة في بروتين «سبايك»، الذي يتسلل من خلاله الفيروس إلى جسد الإنسان، وسط مخاوف واسعة من أن هذه السلالة قادرة على مقاومة اللقاحات الحالية.

عقوبة رادعة

مع تعليق الرحلات القادمة من دول إفريقية نحو معظم بلدان العالم، يؤكد خبراء منظمة الصحة العالمية أن هذا المتحور يمثل «خطرا متزايدا للإصابة مجددا»، مقارنة بالتحوّرات الأخرى، بما في ذلك متحور «دلتا»، شديد العدوى والمنتشر على نطاق واسع. بينما يعكف العلماء على استكشاف ما إذا كانت اللقاحات المتوافرة تستطيع الصمود أمامه.

وشرحت منظمة الصحة العالمية الأسباب التي أدت وما زالت تؤدي إلى ظهور متحورات من «كورونا»، وأعادتها إلى «عدم المساواة»، كأن «كورونا» يعاقب العالم، لعدم عدالته.

وقالت المنظمة، في هذا السياق: «عدم المساواة في توزيع اللقاحات يتسبب في مزيد من العدوى والانتشار لـ«كوفيد-19»، وبالتالي مزيد من الوفيات، مما يعني وجود فرص هائلة أمام الفيروس ليتحور مجددا، مما يؤدي بدوره إلى الخلل الاقتصادي والاجتماعي».

وطالبت المنظمة الأممية بضرورة وضع حد لعدم المساواة في توزيع اللقاحات من أجل القضاء على الفيروس الذي يؤرق العالم.

تسريع التوزيع

شددت منظمة الصحة العالمية في سلسلة تغريدات على حسابها في «تويتر» على أن ظهور متحور «أوميكرون» الجديد، المثير للقلق، يعكس أهمية تسريع عمليات التوزيع العادل للقاحات، مع أهمية تطعيم كل العاملين الصحيين وكبار السن، والآخرين المعرضين للعدوى، والذين لم يحصلوا على جرعتي اللقاح إلى الآن.

كما أشارت إلى أن «اللقاح يمكن أن يقي الشخص من الأعراض الخطيرة لـ«كوفيد-19»، وبالتالي يحميه من خطر الوفاة بالفيروس».

فاعلية اللقاحات

على الرغم من التشديد على أهمية اللقاحات، فإن العلماء يواصلون دراسة فاعلية اللقاحات المتوافرة في مواجهة «أوميكرون»، في وقت ذكرت فيه السلطات الصحية بجنوب إفريقيا أن الأعراض المصاحبة للإصابة بهذا المتحور لا تختلف عن أعراض الإصابات الأخرى، وتتمثل في «فقدان حاسة الشم والتذوق، والحمى، واحتقان الحلق، وضيق في التنفس، وألم بالمفاصل والعضلات، وصداع».

ويفيد علماء بأن المتحور «بي.1.1.529» يحمل ما لا يقل عن 10 نسخ مختلفة في مقابل نسختين لـ«دلتا».

حصل 54% من سكّان العالم على جرعة واحدة على الأقل من لقاح مضاد لـ«كوفيد-19»، لكن تلقى 5.6% فقط في البلدان المنخفضة الدخل اللقاح بحسب موقع «أور وورلد إن داتا».

وفي جنوب إفريقيا، الدولة الأكثر تضررا في القارة، تم تطعيم 23.8% من السكان بشكل كامل.

أودى الفيروس بحياة أكثر من 5.16 ملايين شخص في أنحاء العالم منذ نهاية 2019، إلا أن منظمة الصحة العالمية ترى أن حصيلة الجائحة الفعلية قد تكون أعلى بمرتين إلى 3 مرات.

حالة استنفار

أعلنت العديد من الشركات المنتجة للقاحات مضادة لـ«كورونا» خططا لمواجهة المتحور الجديد، حيث بدأت شركة «نوفافاكس» للأدوية في العمل على تطوير لقاحها، كي يناسب «أوميكرون». وقالت الشركة إنها تأمل في أن يكون اللقاح الجديد جاهزا للاختبار والتصنيع في غضون أسابيع.

كما عبرت شركات أخرى مطورة للقاحات مضادة للفيروس عن تفاؤلها المشوب بالحذر حيال قدرتها على التصدي لأي تحديات محتملة تنتج عن المتحور الجديد.

وأكدت شركة «بيونتيك» أنها تستطيع إنتاج وشحن نسخة محدثة من لقاحها المضاد للوباء خلال 100 يوم حال اكتشاف أن النسخة الجديدة من الفيروس يمكنها التغلب على المناعة التي يحدثها لقاحها الحالي.

بينما تجري شركة «أسترازينيكا» دراسات في بوتسوانا وإسواتيني، حيث ظهر المتحور الجديد هناك أيضا، وذلك لجمع البيانات من أرض الواقع حول مدى فاعلية لقاحها في الحماية منه.

كما أعلنت شركة «موديرنا» أنها سوف تطور جرعة معززة من لقاحها، لمقاومة المتحور الجديد.

حث على التنازل

بدوره، حث الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الجهات المطورة والمنتجة للقاحات «كورونا» على التنازل عن حقوق الملكية الفكرية في أعقاب إعلان اكتشاف متحور «أوميكرون».

ويأمل «بايدن» أن يساعد ذلك على تصنيع اللقاحات بسرعة أكبر، وفي أماكن أكثر حول العالم، حيث لن يكون الإنتاج مقيدا بالحصول على حقوق استغلال براءات الاختراع المسجلة باسم شركات الأدوية التي تطور هذه اللقاحات.

بينما يرى البعض أن هذا الإجراء لن يكون له الأثر المأمول، ويرى آخرون أنه ينتزع الميزات والحوافز المالية التي تمنح للمطورين المتميزين.

%54 من سكّان العالم حصلوا على جرعة واحدة من لقاح «كوفيد-19»

%5.6 فقط من سكان البلدان الفقيرة حصلوا على اللقاح

%23.8 من سكان جنوب إفريقيا حصلوا على اللقاح

5.16 ملايين شخص توفوا بـ«كورونا»


إجراءات احترازية تطالب بها «الصحة العالمية»:

ـ ارتداء قناع الوجه

ـ الحفاظ على مسافة آمنة بين الأشخاص

ـ التهوية الجيدة

ـ تغطية الأنف والفم عند العطس والسعال

ـ الحفاظ على نظافة اليدين طيلة الوقت