اشتكى عدد من رواد الأعمال من ضغوط تمارس عليهم من قبل عمالتهم الأجنبية للدخول معهم كشركاء في المشاريع أو لاستلام مشاريعهم عبر التستر التجاري، مؤكدين أن الكثير من العمالة يرفضون بشكل غير مباشر العمل بعقود عمل برواتب شهرية محددة.

والتقت «الوطن» عددا من المواطنين من أصحاب الأعمال اشتكوا من تعرضهم للكثير من الخسائر والمضايقات بسبب رفضهم التستر التجاري ومحاولتهم العمل بشكل نظامي، بعضهم خرج من السوق بعد تعرضه لخسائر كبيرة، والبعض الآخر أعطى العمالة صلاحيات إدارية ومالية لينقذ مشروعه من الخسارة.

خسائر البقالات

يقول أحمد علي الذي أغلق بقالته قبل عام بعد تراكم الخسائر عليه إن والده فتح له البقالة وهو طالب جامعي وكان يعمل معه فيها عامل أجنبي يعمل على كفالة والده، منذ أكثر من 30 عاما، ولديه خبرة كبيرة بالسوق وعلاقات كثيرة، فكان المندوبون ينزلون له البضائع بشكل دوري، وكان العمل سلسا جدا، وقد اكتسب خلال فترة عمله خبرة كبيرة بالسوق والتعامل مع المندوبين، وبعد أن قرر العامل الذي يعمل معه العودة لبلده بعد أن وصل إلى سن التقاعد استقدم عمالة من ذات الجنسية للعمل مكانه، وبعد 3 شهور من عملهم في البقالة ومعرفة طبيعة العمل ومستوى الدخل بدأوا باختلاق المشاكل وارتكاب الكثير من الأخطاء التي أصبحت تفقد المحل زبائنه وتحمله غرامات بلدية، كترك البضائع المنتهية، وعدم تنظيم المكان، والتأخر في خدمة الزبائن، وبعدها بفترة بدأ مندوبو عدد من الشركات بالتوقف عن إنزال بضائعهم بالبقالة ومن ضمنهم شركات حليب وألبان ومع التواصل مع المندوب كان يتهرب ويبرر، وبدأت البقالة تخسر زبائن أكثر مع وجود نقص في المواد الأساسية وبذات الوقت كان العمال يحاولون التفاوض معي لاستلام البقالة من قبلهم لتعويضي الخسائر، وفي كل مرة يحاولون إغرائي بمبلغ مالي أعلى ولكني رفضت لأن كل الممارسات التي تعرضت لها من قبل العمال ومن قبل المندوبين كانت لإجباري على العمل كمتستر، ومع زيادة الخسائر وزيادة المشاكل مع العمال والتي وصلت لحد السرقة قمت بالتبليغ عليهم وتسفيرهم وأغلقت مشروعي الأول والذي عملت فيه 10 سنوات، وكان دخله يعادل 3 أضعاف راتبي من الوظيفة.

حيل عمال المطاعم

أما عبد الوهاب م والذي صرف على مشروعه الخاص حوالي 300 ألف ريال وافتتح مطعما يعمل به حوالي 10 عمال فهو الآخر تعرض لخسائر فادحة لإجباره على التستر التجاري، فبعد أن اكتسب المطعم اسمه وسمعته وبالتحديد بعد 6 شهور من عمله، وأصبح لديه زبائنه، بدأ يلاحظ وجود أخطاء متكررة بالحسابات اليومية، وأخطاء في حسابات الزبائن وكثرة الشكاوى على الأخطاء من قبل الزبائن، وبعد محاولة ضبط الحسابات وتسليم الكاشير لموظف سعودي لاحظ هو الآخر تلاعبا من قبل العمال بالحسابات اليومية ومحاولة التدخل بشكل دائم ومباشر بعمله ككاشير فرفض العمل بالمطعم، وتكرر ذلك 3 مرات مع 3 موظفين سعوديين، وخلال هذه الفترة كان الدخل اليومي يتقلص يوما بعد يوم والمصاريف اليومية تزداد، والعمال يعملون ببطء وبرود وكأنهم لا يرغبون بالعمل، ولأنهم جميعا كانوا من جنسية واحدة فكانوا كالفريق متفقين على كل شيء، حتى جاء اليوم الذي بدأت أشعر فيه بأنه لا توجد حلول لتعويض خسارتي، وكان العمال يلاحظون هذا القلق من خلال متابعتي للحسابات والتأخر في تسليم الرواتب، لأن ما كان يدخل في الصرافة لم يكن يغطي رواتبهم حتى بعد الاستغناء عن نصف العمال، فطرح أحدهم فكرة أن أسلمهم المطعم ليتولوا إدارته بشكل كامل وأستلم منهم آخر الشهر 5 آلاف ريال، وكان هذا المبلغ وسط الخسارة التي عانيت منها مربحا، وبالفعل بعد أن تستلموا المطعم عاد المطعم للعمل كما كان سابقا، بل وزادوا عدد العمالة، وأصبح المطعم يفتح منذ الصباح وحتى الليل، ولأني لم أسلم العمال الحسابات المصرفية كنت أرى الدخل الشهري للمطعم كيف تضاعف أكثر من ثلاثة أضعاف ما كان عليه، مضيفا أن صاحب العمل مضطر لمسايرة العمالة حتى لا يخسر ويغلق مشروعه بالكامل.

شراكات غير رسمية

أما صاحب مجموعة محلات للملابس والذي يرى بأنه يحاول الالتزام بالأنظمة والمحافظة على مشروعه الذي يشكل مصدر دخله الوحيد والذي بدأه قبل أكثر من 20 عاما، حيث بدأ كمحل واحد صغير في سوق شعبي، وفتح له فرع آخر في مجمع تجاري وكان معه 3 عمال من جنسية واحدة مسؤولين عن شراء البضائع والإشراف على المعارض في أوقات متفرقة، حيث كان يقوم بنفسه بالعمل في المحلات، مشيرا إلى أن العمال أصبحوا يشتكون من قلة الراتب ويطلبون رفعه بشكل يفوق قدرة العمل، وبعد مفاوضات معهم اتفقنا على أن يكون لهم نسبة من الدخل الشهري للمحلات، بحيث يزيد راتبهم مع كل زيادة في الدخل، مشيرا إلى أنه بعد هذا الاتفاق أصبح العمال يجلبون بضائع بأسعار أقل من المعتاد، فكان الدخل يزداد مع انخفاض التكلفة، كما انهم عملوا ومع بداية التسويق الإلكتروني بفتح حسابات للمحل وتسويق البضائع وعرض بضائع أخرى ليست متواجدة في المحل، وبيع بضائع في المحل بالجملة على أصحاب متاجر أخرى، فتحرك عمل المحلات بشكل كبير وأصبحنا نتوسع أكثر وأكثر، وازدادت صلاحية العمال بإدارة المحلات مع توليهم التسويق الإلكتروني وجلب البضائع بأسعار خيالية فارتفعت نسبتهم في الأرباح لأكثر من النصف، مع توثيق ذلك في اتفاقيات مكتوبة بيني وبينهم، مضيفا إلى أنه مع قوانين وزارة التجارة الجديدة أخبره العديد بأن طريقة عمله تعتبر تسترا تجاريا ومخالفة ولكنه لا يستطيع العمل بغير هذه الآلية، فالعمالة الأجنبية ترفض العمل براتب وتسبب الخسائر لأصحاب العمل لإخراجهم من السوق أو القبول بآلية من الشراكة معهم بحيث توزع الأرباح على الجميع.

عقوبات شديدة

يؤكد المستشار القانوني المحامي هشام الفرج بأن النظام وضع عقوبات شديدة ورادعة لقضايا التستر لخطورتها على الأمن والاقتصاد والوطني، وليضبط سوق العمل ليسير بشكل صحيح بعيدا عن الممارسات غير النظامية، مضيفا أن نظام التستر التجاري حدد حالات التستر وعقوباتها، فمن يتستر على العمال ويسجل النشاط التجاري باسمه ولكن الأجانب شركاء له من الباطن فتصل عقوبته نظاما للسجن حتى خمس سنوات، والغرامة التي تصل لغاية خمسة ملايين ريال، وتتعدد الغرامات بتعدد الجرائم، أما العامل الأجنبي الذي يرفض العمل وينهي العلاقة العمالية بدون سبب مشروع يكون ملزما حسب المادة السابعة والسبعين من نظام العمل بتعويض صاحب العمل بما يعادل رواتبه عن المدة المتبقية للعلاقة العمالية، فمثلا لو استقدم شخص طباخا للعمل في مطعمه لمدة سنتين، ولكن الطباخ بعد ثلاثة أشهر رفض العمل فيكون ملزما لتعويض صاحب العمل بما يعادل راتبه لمدة واحد وعشرون شهرا.

حالات التستر التي حددها النظام

- قيام أي منشأة بمنح غير السعودي بصورة غير نظامية أدوات تؤدي إلى التصرف على نحو مطلق في المنشأة.

- حيازة أو استخدام غير السعودي بصورة غير نظامية لأدوات تؤدي إلى التصرف على نحو مطلق في المنشأة.

- استخدام المنشأة في تعاملاتها الخاصة بنشاطها الاقتصادي حسابًا بنكيًّا آخر غير عائد لها.

- قيام شخص بتمكين غير السعودي من أن يمارس لحسابه الخاص نشاطًا اقتصاديًّا في المملكة غير مرخص له بممارسته، ويشمل ذلك تمكينه غير السعودي من استعمال اسمه، أو الترخيص أو الموافقة الصادرة له، أو سجله التجاري، أو اسمه التجاري، أو نحو ذلك.

- قيام غير السعودي بممارسة نشاط اقتصادي لحسابه الخاص في المملكة غير مرخص له بممارسته، وذلك من خلال الشخص الممكّن له.

- عرقلة أو منع ممارسة المكلفين بتنفيذ أحكام النظام من أداء واجباتهم بأي وسيلة، بما في ذلك عدم الإفصاح عن المعلومات، أو تقديم معلومات غير صحيحة أو مضللة.