عار الوأد
عبر أربعة فصول يضع شرارة النص المنقول في المتن، فهدف الكتاب هو الحواشي، بالإحالة على النص، يبدأ الفصل الأول مستعرضا 22 خبراً من كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني، يرى فيها شرارة أن حضور النساء كان يتم عبر رغباتهن الجنسية وفق المخيلة العربية /الإسلامية.وبطبيعة الحال لا بد أن تحضر في المقدمة أبرز عادة في تاريخ الثقافة العربية وهي عادة وأد البنات الجاهلية، التي كانت تبرر بأنها تحدث تجنبا لعار محتمل، أو للتقليل من فرصة حدوث سبي للنساء في غزوات العرب في جاهليتهم.
ويورد شرارة مستشهدا هنا خبرا عن أن فارساً شجاعاً حدَّث النبي صلى الله عليه وسلم عن أن ابنته كانت تقول وهو يئدها: «أمغطِّيّ بالتراب أنت يا أبتِ؟ أتاركي وحدي ومنصرف عني؟». يتابع الفارس «جعلتُ أقذف عليها التراب حتى واريتها وانقطع صوتها». فدمعت عينا النبي ثم قال: «إن هذه لقسوة، وإن من لا يَرحم لا يُرحم».
مادة غزيرة
يكثف شرارة جهده التفكيكي مستعرضا أخبار النساء وأحوالهن في ثقافة العرب والإسلام وفي الثقافة الغربية، طارحا كيف تشكلت المواقف في ذهنية هذه المجتمعات عن المرأة، عبر مادة غزيرة، تميزت بالتنوع والعمق المعرفي، تنقلت ما بين أخبار النساء في كتاب «الأغاني» لأبي الفرج الأصفهاني، إلى ساحرات المؤرخ الفرنسي جول ميشليه في القرن التاسع عشر، وقصائد أبي نواس الماجنة التي تخلط الشعر بالرغبة، إلى «الحداثة والمرأة» بحسب رؤية بودلير الفنية، والقص الملحمي الهوميري اليوناني، إلى شهرزاد «ألف ليلة وليلة»، وصولا إلى الحركة النسوية الأوروبية.النساء الأصفهانية
يؤول شرارة حضور النساء وأحوالهن وأدوارهن ورغبتهن، في المخيلة العربية والإسلامية، من خلال 22 خبراً عنهن أوردها الأصفهاني في الأغاني. مخصصا الفصل الأول لأخبار الأصفهاني عن تجمع أيام العرب، وحروب القبائل والعصبيات، قبل الإسلام وبعده (وتُلِمُّ) بأخبار البوادي والأمصار العراقية والفارسية والشامية إلى بدايات القرن الرابع الهجري، الذي يوافق أواسط القرن العاشر الميلادي. مقدما لأخبار النساء الأصفهانية، فيرى أن صاحبها يرويها «على مثال المحدّث الثقة» في خَبره عن «الحوادث» و«الأنساب» و«الرسوم» التي «تقوم مقام الركن والتعريف من الجماعات» في ديار العرب والإسلام.حداثة أبي نواس
يقول شرارة: لا تكاد تخرج المرأة (العربية والمسلمة) من نفسها وجسمها وأهلها (فور بلوغها) حتى تجمع إلى أقاصي الخارج، هوىً ورغبة وعشقاً. لذا «لا مناص من تزويج البنت إذا بلغت، في الأهل الأقرب، أي في بني العمومة أو بني الخؤولة».فيما يتعلق بالنساء، ترمي إلى «حفظ العشير في العشير، فالناس (العرب) ينزلون الأرض جماعات وعصائب، بطوناً وأفخاذاً وأهالي، وينتسبون إلى أرحامٍ وإلى أسماء ذكرية. بينما يشير من جانب آخر إلى أن أبي نواس جمع في «أشعاره الماجنة» من تقطيع الأواصر والعرى ومن العدوان على المعايير القومية، العربية الإسلامية، والإزراء بها». لذا «حمل الأعمال والكلام والاعتقاد والأخبار والأشياء والناس على التمويه والتزويج»، كي يَخرج ويُخرج ذلك كله «من حدّ السلطان، وهو حدّ العصبية والحرب والدين والتناسل وعمود الشعر، إلى حدّ العيد». واصفا «عمل أبو نواس، بـ«الحداثة»، لأنه «رفع التهجين إلى مرتبة مدرك من مدركات العقل الكثيرة الأوجه»، فيما كان إسلام الفقهاء يشحذ أركانه السنية واعتقاده قبيل إغلاق باب الاجتهاد».
الأصول المكونة
أطلق وضاح شرارة عبر هذا الكتاب المثير والمهم أسئلة جوهرية تتعلق بالنظرة العربية نحو المرأة، والصورة الذهنية عنها التي تراكمت عبر قرون، وهي من نوع تلك الأسئلة التي تثير العقل، وتحرضه على التساؤل العميق لفهم واقع المرأة وما تعانيه فالثقافة العربية، ومقارنتها بواقع ثقافات أخرى في الجوار. فمادة أخبار النساء الأصفهانية، وما تنقله أو ترويه من حوادث، لا تختلف عن سواها من أخبار الأصفهاني في «الأغاني»، بوصفها من أحاديث الأولين وأخبارهم وسيرهم البطولية، أي النبي والصحابة والمحدثين أو الناقلين الرواة عنهم، في أخبار النساء، التي تندرج في باب «الأصول» المكونة للمتخيل الاجتماعي في ديار العرب والإسلام.وضاح شرارة
سياسي وكاتب وأستاذ جامعي لبنانيمواليد 1942
رغم انتمائه إلى الطائفة الشيعية، يعتبر شرارة من أكبر منتقدي حزب الله
ألف كتاب «دولة حزب الله: لبنان مجتمعا إسلاميا».
مؤلفات
«الموت لعدوكم» (1991).
«الواحد نفسه - مقالات في السياسيات الإسلامية العربية» (1993).
«الأمة القلقة العامليون والعصبية العاملية على عتبة الدولة اللبنانية» (1996).
«دولة «حزب الله»(لبنان مجتمعاً إسلامياً)» (1998)
«خروج الأهل على الدولة (فصل من تأريخ الحروب الملبننة)» (1999)