تمر بالإنسان لحظات جميلة مفروشة بالورود، ومعطرة بأجود أنواع العطور، بقاؤها ينشر السعادة في أرجاء المكان، فنستقي منها، ونسقي غيرنا.

لحظات لا يُحْجَبُ نورُها، ولا يخفى تأثيرُها، تحرك كل ساكن، وتجلو صدأ كل الكوارث والأحزان، و إن وجدت في شريط الذكريات ومستودع الآلام المتناسيات، لذا املأ عينيك برؤية الحرمين الشريفين، المسجد الحرام، حيث الكعبة المشرفة، والمسجد النبوي الشريف، بزيارة، متى ما سنحت لك الفرص، وتهيأت لك الظروف.

املأ عينيك بوالديك إن كانا على قيد الحياة، فزرهما صباح مساء، وعشية وضحاها، وتكفل براعيتهما، والقيام بشؤونهما، واملأ عينيك بكل شيء يذكرك بهما، عطرهما الفواح، أوأمكنة ارتبطا بها وارتبطت بهما، أو حتى ما تبقى من مقتنيات تخصهما وإن فارقا الحياة.

لا تنس الدعاء لهما في كل وقت وحين، وكن سببا في عدم انقطاع عملهما.

املأ عينيك بأهلك وأولادك الذكور والإناث، واستمع واستمتع بحديثهم والحديث معهم، دون تفريق بين صغيرهم وكبيرهم، على حد سواء. املأ عينيك بإخوتك أشقائك، وإخوتك وأخواتك لأمك أو لأبيك، فكن على صلة بهم، وإن قاطعوك.

املأ عينيك برؤية جيرانك، الجار ذي القربى، و الجار الجنب، والصاحب بالجنب.

املأ عينيك بكل جميل حولك، بحر ذي شواطئ جميلة، وذي مرجان ولآليء ثمينة.

املأ عينيك بالبساتين الجميلة ذوات الأشجار الوارفة، والثمار اليانعة، واملأ عينيك بعصافيرها ذوات الأشكال الرائعة والألوان البديعة. املأ عينيك، واملأ عينيك، واملأ عينيك....... فما تغادره قد لا تراه مرة أخرى.

يقول نجيب محفوظ: «املأ عينيك، فما تغادره لن تراه مرة أخرى.

كل لحظة هي اللحظة الأخيرة».