مما تسعى إليه أي أمة هو الصعود بأفراد مجتمعها - بجميع شرائحهم - نحو الأفضل، وهذا ما يتمثل جليا في مجتمعنا السعودي، وما تكاتفت عليه الجهود اليوم وتضافرت في سبيل الارتقاء بالمجتمع.

مشكلة الفقر والعوز من المشكلات المفصلية التي تؤرق كيان المجتمع، وتعيق تطوره وتقدمه، أخذا في الاعتبار ما تبذله أجهزة الدولة من جهود متضافرة، للقضاء عليها أو تخفيف آثارها، ولكن قد تبدو المشكلة كبيرة، وفي حجمها الأولي، وكأن الأدوية المستخدمة سابقا لم تعالج شيئا!.

في الحقيقة، دور المنظمات الأهلية والجمعيات الخيرية في التعامل مع هذه المشكلات بأسلوب تنموي يبدو جليا على السطح، وهذا شيء مبشر، فمجتمعنا اليوم على وعي تام، وتكاتف متكامل وقوي بضرورة إيجاد حل جذري لتلك المشكلة. وبحكم عملي في قطاع غير ربحي، وقربي من هذه الفئة في الميدان، وجدت أنه لا بد من تغيير ثقافة العمل الخيري التقليدي، المرتبط بين المانح والمستفيد مباشرة، والعمل على إيجاد وتفعيل قناة أكثر حيوية وتنموية، تصب في مبدأ التأهيل والتمكين، وستفيد المستفيد بالدرجة الأولى، والأجيال من بعده، وستفتح آفاقا متنوعة أمام المستفيد، وتوفر حياة كريمة لكل مواطن.

لنستخدم الطريق المضيء في بناء عقلية منتجة، راغبة في البناء والتطوير، كارهة مد اليد وسؤال الغير، وذلك بصب الجهود المباركة، لتغيير القناعات المتحجرة، وتفكيك أقفالها لدى تلك الفئة، وتنمية حب التغيير للأفضل، والارتقاء بالنفس، والعمل على علاج جذر المشكلة بدلا من طبطبتها من الأعلى بتكثيف الجهود، لمعالجة الفكر المعتمد على أن الفقر والحاجة هو الواقع النهائي، والقرار الذي لا رجعة فيه، وأن مد اليد هو الوسيلة المتاحة لعلاجه. لذا وجب ابتداء معالجته فورا، وبتره من الأساس، حتى لا تتكاثر مثل هذه المعتقدات، وتتوالد، وتنتقل إلى الأجيال الصاعدة، وبهذا ينطبق عليه المثل العامي «كأنك يابو زيد ما غزيت»، فتكون الجهود المبذولة دون فائدة، وصدق القائل «لا تعطيني سمكة، لكن علمني كيف اصطاد». ثانيا، العمل على ضخ المبادرات الجاذبة للتدريب والتأهيل في بيئة مريحة للتغيير، وعلى أيدي خبراء مختصين بالتعامل مع هذه الفئة الأكثر حساسية في المجتمع، ولنكن حذرين، وكأننا نتعامل مع قطع من الزجاج الفاخر، ونخشى عليه الخدش الذي ربما يبقى أثره على من بعده، وذلك حفاظا لكرامة المستفيد. وهذا ما توليه الوزارة - وفقها الله - للكثير من الجهود المباركة، التي نهضت بالمستفيدين، وأكسبتهم أسلحة العصر، من مهارات وجدارات مهنية، أهلتهم للوصول لسوق العمل.

أخيرا.. لتتوحد الجهود، وتتضافر الهمم، وتتكامل الخطوات، لتلبي الاحتياجات المجتمعية، ولنزود جهات القطاع الثالث بالأسلحة اللازمة، من دعم ومشاركة، لاستمرار مسيرتها في العطاء والبذل لهذا الوطن.