ما الذي اختفى أولاً، نوتة الأرقام أم الملف الأخضر؟ من تخلص من استخدام الأوراق وحملها، المنظمات أولاً أم الأفراد ؟.

يبدو أن الأفراد سبقوا المنظمات في التحول الرقمي، بينما بعض المنظمات ما زالت تستخدم الأوراق، والفرد اكتفى بهاتفه الذكي، حيثُ يقوم بإجراء أعماله الخاصة من هاتفه، ويستخدم جميع التطبيقات في هاتفه، مثل الواقع المعزز والواقع الافتراضي، ولدى أطفاله طابعة ثلاثية الأبعاد ويطبق أهداف التنمية المستدامة.

والكثير منهم أنشأ عملا خاصا به، ونجح وتطور ونما مشروعه، ووضع إستراتيجيات وسياسات وأهدافا، وقام بجمع المعلومات وتحليل البيانات، واتخذ بشأنها قرارات ناجحة، وأوجد ميزة تنافسية للمنتجات أو الخدمات التي يقدمها، وابتكر حلولا وساعد المبتدئين بأعمالهم وقدم لهم النصائح، ولديه أعمال تطوعية، ويقوم بعمل مقارنات مرجعية لمشروعه مع غيره، ويستطيع تحديد النقطة التي يقف عليها الآن، والنقطة التي يريد الوصول إليها، وتحليل وتقييم الوضع الراهن، والابتعاد عنه والمضي قدما، ويقوم بسد هذه الفجوة بين النقطتين، ويعمل تقييم أداء وتحسينا مستمرا، ولديه بيئة عمل جيدة، ويتفهم السلوك التنظيمي للعاملين، ويتمتع بذكاء عاطفي عال ووضوح وشفافية، ويطبق الحوكمة ويشارك العاملين في القيادة، ويستفيد من آرائهم ومقترحاتهم، ويلبي احتياجاتهم ومتطلباتهم، ويطبق جميع المتطلبات القانونية ذات الصلة، ويراعي اختلاف الثقافات والأديان بين العاملين ويحترمها.

لكنه لا يعرف أي مصطلح مما ذكرته أعلاه، بل اعتمد واستند على فطرته وتربيته وسجيته، وإنسانيته وخبرته ودينه، وحبه للخير والنجاح والفلاح، والحفاظ على سمعته وسمعة عمله ووطنه وحكومته. لذلك أوجه رسالة للمتحدثين في المنصات الإعلامية، وقادة المنظمات ومطوري الأعمال، والأساتذة في الجامعات ومراكز التدريب، وخصوصا إذا كان الحديث موجها للداخل إلى ابن الوطن، أن يبسطوا المصطلحات ويفككوها، وأن يتحدثوا باللغة العربية بل باللهجة العامية البسيطة، وأن يختاروا أمثلة بسيطة ومشاريع صغيرة، مللنا من نوكيا وآبل، تُشعرون المتلقي بأن هذا المصطلحات لا تنطبق إلا على أصحاب المليارات.

لا تعمدوا لتعسير اللغة وتعتيم المصطلحات وتضخيم الأمثلة، فأنتم تنقلون معلومة لا تستعرضون بمهارات اللغة الإنجليزية أو بأسماء الشركات العالمية.. لماذاهذا التضخيم والتعتيم !!، المواطن أو الشاب لا يعرف ما تتحدث عنه بالعربي، وأنت تزيد التعقيد في استخدام المصطلحات الإنجليزية، إذا كنتم تريدون أن تنقلوا المعلومة وتوصلونها، وتريدون أن يستفاد منها، بسطوا الأمور.

المواطن الأصيل هذا طبعه وهذه سجيته مفطور على البساطة، أقصد بساطة اللغة لا بساطة الفهم، وإلا هو مدرك وواعٍ لأمور كثيرة، وأهم من هذه المصطلحات والدليل على ذلك، وعيه بأهمية ولائه لحكومته ووطنه ومجتمعه، وإخلاصه وصفاء نيته وثقته بقدراته، لكن عندما يسمع مثل هذه المصطلحات يشعر بصعوبة فهم معانيها، أو يحتاج للبحث عنها، وهذا يؤثر في سلاسة وصول المعلومة أو الفكرة للمتلقي، وفي الحقيقة ليس في ابن الوطن قصور، فهو لماح وفطن، الخلل في طريقة اختياركم لغة النقل، وأسلوب وإيصال المعلومة.

وفي الختام لماذا اشتهر الكثير من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أنها بلا محتوى؟ لأنهم فقط استخدموا اللهجة المحلية البسيطة، فما يضر هؤلاء المتحدثين والخبراء والأساتذة، إن تحدثوا باللهجة البسيطة المعروفة، أعتقد أنها سوف تزيد مشاهدات ما يقدمونه، ويسهم في توعية وتصحيح المفاهيم المغلوطة، لدى شريحة كبيرة من المجتمع.