جميلة جداً، تلك الصورة التي نشرتها الزميلة ( المدينة ) على صفحتها الأولى بالأمس، وفيها بعض منسوبي جهاز هيئة الأمر بالمعروف يتحاورون مع مجموعة شبابية في مقهى أنيق بمدينة جدة. تشعر أن الجانبين من أطراف الحوار قد اقتربا من نهاية عصور التجييش والوصاية والاحتشاد.. كل منهما في وجه الآخر. على الشاب أن يدرك أن الهيئة جزء من هيبة القانون وأن وجودها حتمية مقدسة، لا لتحافظ عليه فحسب، بل للحفاظ على خصوصية الآخرين وحدود حرياتهم الشخصية. وعلى الهيئة وأفرادها في الجانب الآخر من طاولة الحوار أن يدركوا أن زمن التشجيع الأعمى حتى في حالة التجاوزات لا مكان له في زمن الحقوق التي يعرفها كل فرد من أبناء المجتمع لنفسه. لم يسئ للفريقين بأكثر من حملة المصطلحات وكتائب – الألتراس – خلف كل فريق.
الذين يدعون الشباب إلى مكامن سوء الظن برجال الهيئة، وفي الطرف المقابل، الذين يتحدثون عن أفراد الهيئة بمصطلحات – الأسود – والكواسر. كل الجمل مجرد ألفاظ عنترية لا مكان لها في قواعد الإعراب للمجتمع الجديد. لا شيء اسمه انفلات باسم الحرية المتجاوزة، ولا مكان – لأسود – يتجاوزون حقوق الأفراد، فالفهود مكانها الغاب حيث الأمر بلا شريعة.
كل الأطراف يجب أن تكون تحت القانون المكتوب. أولى نقاط القانون تقول إن المحتسب يعمل بالأجرة وبالراتب في نهاية الشهر، وعلى هذا فالوظيفة حقوق وأيضاً مسؤولية. نحن لسنا في زمن – الشفَّاء – المتطوعة حتى يقول الموظف إنه يتطوع على المجتمع من باب الخدمة المجتمعية. ثاني نقاط القانون أن نتحاسب على القانون. جهاز الهيئة بحد ذاته وسيلة إلى القانون لا هدف له. الهدف أن يكون لدينا قانون مطبوع ومكتوب يحفظ حقوق عائلتي كمواطن من التحرش ومن الأذى ومن انتهاك حدودها الشخصية. هذا ما فعلته دول مجاورة وأخرى في مغارب الشمس ومشارقها دون فكرة الاحتساب بل بالقانون والمحكمة. الشاب السعودي يمشي على العجين (ما يلخبطوش) في دبي مول ثم يعود لينثر كل الطحين في – غرناطة مول – لأنه يعرف فوارق النتائج. في دبي الحكم بناء على رصد الكاميرات، وهي بالآلاف، وهنا تبقى المسألة مجرد رصد بالعين المجردة لأفراد الهيئة إذا ما تحالفت عيونهم مع الحدث في فرص شاردة نادرة. وطالما أننا بلا قانون صارم فسنبقى بلا هيئة حتى ولو تواجدت الهيئة. القانون لا الهيئات هو من يحفظ حقوق الجميع.