لماذا على كاهل المرأة فقط دون الرجل في مجتمعنا عبء وجوب إثبات جديتها وأحقيتها بالحصول على الفرص بمختلف المجالات؟ ففي كل فرصة تحصل عليها باجتهادها تتحول إلى اختبار لا لعقلها وإنجازاتها وطموحها بل لأخلاقها ومستوى تدينها واحتشامها بل وحتى كيفية ارتداء نقابها من عدمه؟ وإن فشلت في تحقيق إنجاز ونجاح باتت فاشلة أيضا، وتُلقي بهذا الفشل على كل بنات جنسها، كحكم جائر يتم تعميمه وفق منطق الثقافة الذكورية في رؤوس الكثيرين حتى النساء أنفسهن ممن رضعنها مع حليب أمهاتهن!! والمشكلة الكبرى أيضا أنها حين تُخطئ أو تُذنب مثلها مثل أي إنسان خُلق ليخطئ فيتوب ليغفر له الرحمن، فإنه يتم تعميم هذا الخطأ على كل بنات جنسها في المجال الذي عملت فيه! إنه منطق أعوج، ومن يفكر وفق ذلك يعش خارج الزمن!

هذا الهم النفسي، قد يؤثر سلبا على طاقة المرأة الإيجابية، هي مهمومة بهمين، الأول أن تنجح في "الفرصة/ الاختبار" وتحقق إنجازا مثلها مثل أي إنسان يحقق ذاته وهذا أمر إيجابي، لكن الهم الثاني السلبي الذي قد يؤثر على طاقتها الإيجابية أنها في اختبار مستمر لنفي تهم تلاحقها منذ ولادتها كـ"أنثى" كونها "خطيئة متحركة" وبالتالي هذه الفرصة التي يأبى المجتمع الذكوري إلا أن يساومها عليها بأن يجعلها أنموذجا تُختار من بنات جنسها في "اختبار" لجديتها أو التزامها بحجابها من عدمه أو لأخلاقها أو مستوى تدينها، ولا أعلم هل إثبات التدين واتزان الأخلاق أو الاحتشام من عدمه خاص فقط بالمرأة دون الرجل! فكما كلف الله تعالى بالأوامر والنواهي والأخلاق والعبادات المرأة كلف بها الرجل وساوى بينهما في العقاب والجزاء، وما أعرفه أن التدين هو التدين والأخلاق هي الأخلاق والاحتشام هو الاحتشام بحجاب أو دونه! فكم من امرأة محجبة و لا ينطبق عليها صفة الحجاب وكم من امرأة غير محجبة أو سافرة وتنطبق عليها صفة الحجاب في سلوكياتها وأخلاقها.

باختصار شديد، ليس على المرأة أن تثبت شيئا في هذه الفرص إلا أنها إنسان مُنجز وطموح لا كاختبار لأخلاقها ومدى تدينها وتحجبها! بل وأرفض تقييم إنجاز المرأة السعودية ونجاحها بمدى التزامها بنقابها أو حجابها، فحجابها وتدينها لرب العباد أما إنجازها فللعباد وهذا ما يجب أن نركز عليه، وكما من حقها أن تنجح فمن حقها أن تفشل مثل الرجل، فهناك رجل فاشل ومدير فاسد وموظف عديم أخلاق ويكفي فقط رؤية قضايا الفساد التي تطرح من حولنا في الصحف لنعرف أن من يقف خلفها رجال وبعضهم لبس ثوب الدين ليغطي سوءة أخلاقه! فلماذا لا يتم تعميم هذا الفشل والفساد الأخلاقي أو المتاجرة بالتدين على جميع الرجال؟ ألم أقل لكم إنه منطق أعوج ومن يفكر وفق هذا التفكير فإن عقله يعيش خارج الزمن!