كنا ننتقد الطريقة التي يوجه بها مدربو التنمية الناس، بطرق مستفزة، بعيدة كل البعد عن واقعهم وواقعنا، بطريقة الإيجابية السامة، مرت بنا نماذج لا تُحصى ممن أوقعوا عامة الناس في الإحباط، ولا نعرف إن كان هذا خطأ من قبيل المبالغة أو الجهل، أو من قبيل تحصيل مبالغ طائلة، ولم يخرج للساحة حتى الآن، من يتحدث عن الإيجابية بشكل موضوعي بحت.

لم يخرج من يتحدث عنها بشكل متصل بالواقع بعيدا عن الخيالات، و ترهات الطاقة وسعار التنمويين،خلا إبراهيم الفقي رحمة الله عليه، وهذا ما استوقفني قليلا لطرح بعض النقاط، التي قد تساعد الواقفين على ذلك الطريق، قبل أن تتصيدهم أيد خفية بغية الثراء، ولا شيء آخر. وإذا أردنا بداية طيبة، عليك عزيزي القارىء الواعي، أن تفهم بأنك إذا ابتعت ملابس جديدة وكثيرة، فعليك إفراغ خزانتك من ملابسك القديمة والرثة، أي أن أفضل طريقة للتخلص من سموم الأفكار السلبية، يبدأ من الإدراك بأنها لم تخدمك قديما، فهي - بالضرورة - لن تخدمك الآن ولا مستقبلا. عليك للتخلص من أذى هذه الأفكار، مخاتلتها بفكرة بديلة مستضاءة ومعاكسة، بمعنى أنك لن تسمح للفكرة السيئة بأخذ مساحة من عقلك، إلا وقد أرسلت لها فكرة مضادة، تفسد عليها سطوتها، والسر في القدرة على هذه الفعلة يعود إلى التركيز، كلما زاد تركيزك على السلبيات، تمكنت منك، من الداخل بل وأضعفتك، لكنك ما إن تدهمها بفكرة نورانية، فأنت تنقل تركيزك إلى الجانب المضيء، إلى مصدر قوة لا مصدر ضعف.

هذا بالطبع لابد وأن يخضع للواقعية أيضا، فليس من الجيد أن تفكر في ديونك الكثيرة - على سبيل المثال - ثم تفكر أنك ستصبح غنيا غدا! فكر بوعي.

ثم ستلحظ مع الوقت أن حديثك الداخلي سيزداد ضراوة، سيحاول أن يعيدك إلى حلقة النار، سيتضخم، لا يريدك أن تخرج من منطقتك القديمة، ولا أن تنزع ثوبك الذي اعتدت عليه، سيعارضك، سيضخ فيك كماً هائلا من الأحاديث التي تحاول ثنيك عما تجتهد في تحسينه، وهنا إما أن تتجاهل بشكيمة قوية، أو أن تستمع لذلك الصوت المشاغب وتقر بوجوده، بل وتقر أن مثل هذه الأفكار عتيقة، وأنك لم تعد تختار تلك الطريقة في التفكير، تشبث بالتغيير سيحدث الفرق.

سيحاول صوتك الداخلي أن يعيدك للماضي، سيفتح لك الأبواب المغلقة بالشمع الأحمر، ستطفو على وجه ذاكرتك كل الوجوه، التي كان بينك وبينها حروب ودمار وخراب، سيحاول أن تعلق في مصيدة الماضي، والغضب، والأحقاد.. وليس عليك أكثر من مراقبة ذلك دون المشاركة، إن فهمت أن تلك خطة للإيقاع بك في شراكك القديمة ستعرف أن المراقبة طوق النجاة، راقب بإدراك، وعد سريعا إلى لحظتك الآنية، لا تطل الإقامة في الماضي، ستمتلىء بمشاعر يصعب عليك تلافيها، عد إلى اللحظة، واستمتع بما يمكن، حتى لو كان كوب شاي فقد قدرا من الدفء.

ولا بد في خضم ذلك أن تمتلىء بالامتنان، أن تستشعر الطريقة التي نفذت بها من جلد ماضيك إلى الحاضر، واليوم أصبحت تملك فرصة إنقاذ ما يمكن إنقاذه. الفرصة العظيمة بأنك ما زلت على قيد الحياة، لتستقبل المزيد من الحب والأمل، ولتحقق ما تصبو إليه في نفسك ولنفسك. وعليك أن تعي أن كل ماحصل وسيحصل لك، تتحمل جزءا من مسؤوليته، هذا سيجعلك أكثر أناة، وسيعلمك أن تدع إلقاء اللوم على الآخرين، الأمر الذي سيدخلك متاهة طويلة من التشكي والتذمر والانتقام ربما.

شارك أحبابك مشاعرك الجيدة، وابتعد عن مشاركة من يسخر منها، ومن أفكارك الجديدة أيضا، أنت لست بحاجة لمن يدفعك من أعلى السلم.. اترك لهؤلاء فرصة مراقبة حياتك، وهي تتحول من طور إلى طور أفضل، حينها يمكنك الحديث عن التجربة وقد أمسكت برهانك في يدك.. لكن آمن بك لكي تتماسك، الإيمان بأنك مخلوق لديه القدرة، لفعل أي شيء، سيؤهلك للتغيير المستمر، أو كما تقول لويز هاي: «معرفتك أنك تصنع أفكارا إيجابية تخدمك إلى الأبد»،اضمر النية وتوكل.

واعلم أنك تستحق كل ما هو جميل، فكل يستحق ما يعيشه، ما يؤمن به، ما يركز عليه.. اشعر بالاستحقاق تجاه السعداء، والناجحين، والأثرياء، عود نفسك على إخبارهم بأنهم يستحقون ما وصلوا إليه، سينعكس ذلك على حياتك، أنت مرآة من حولك، والآخرون مرآة لك.