صار واضحا أن المحكمة الاتحادية، أدركت حجم الضغوط الدولية، التي كانت تدفع باتجاه المصادقة، على نتائج الانتخابات التي جرت في (10_10) من العام المنصرم.

الإرادة الخارجية لم تكن هي الوحيدة، التي رافقت دراسة المحكمة الاتحادية، لمواقف المعترضين على نتائج الانتخابات، بل كانت الظروف الداخلية تقتضي المصادقة، مع إضافة بعض القرارات المتعلقة بالممارسات الانتخابية القادمة، وهو ما حدث فعلاً بتاريخ (27_12) حين صدر القرار الذي يؤيد النتائج، رغم قانونية الطعون المقدمة من بعض الكتل، التي قدمت الأدلة العديدة التي تؤكد الحيف الذي وقع عليها.

بالوقت نفسه إن المطالبة بإلغاء النتائج لم تكن حقيقية، لخطورة المآلات التي تفضي إليها، يضاف إليه الفهم المتعارف عليه والانطباع حول طبيعة المحكمة الاتحادية إنها لم تكن قانونية فحسب، بل تمتاز بالصبغة السياسية، التي تمنعها من اتخاذ القرار بجنبته القانونية، إذ إن ذلك من شأنه تعريض المصلحة العامة لهزات غير متوقعة، تنسف حالة التوازن التي يشهدها البلد. بناء على ذلك يمكن القول إن مراعاة التوازن كانت حاضرة في القرارات التي أصدرتها المحكمة الاتحادية، لكن ما يثير التساؤلات هو مناشدتها لبعض الأطراف والهيئات حول بعض الأمور، المتعلقة بقانون الانتخابات وآليات العد والفرز، إذ إن واجبها يحتم عليها إصدار القرار، وليس المناشدة كونها أعلى سلطة في البلد، وما يصدر عنها ملزم لما هو دونها.

تذرعت المحكمة الاتحادية بأنها غير مختصة بالطعون، ذات الأدلة التي لا يمكن تجاهلها، لكنها قبلتها ورفضت إعطاء حكماً بشأنها، وأخيراً رفضتها بحجة عدم كفاية الأدلة، وهذا تناقض عجيب يُحْسَب على مصداقيتها، وهو ما يؤكده ذهابها لمنع استخدام الأجهزة الإليكترونية، الأمر الذي يؤكد اعترافها ضمنياً بالخلل الذي يعرض النتائج للاختراق السيبراني.

إن الاعتراض على القانون الانتخابي وتحذيرات البعض منه، قبيل إجرائها يؤكد صواب هذا الاعتراض، وهو ما عضدته المحكمة الاتحادية بقرارها المتعلق بضرورة تغييره، كونه لا يعبر عن إرادة الناخب العراقي بصورة حقيقية، وإن جاءت مصادقتها بما يخدم الكتل الفائزة، لكنها ناغمت مشاعر الخاسرين بالقرارات الواضحة، التي تثبت ملاحظاتهم حول العملية الانتخابية، التي حالت الظروف دون الاستعانة بالمختصين، خشية إلغاء نتائجها لوضوح الأدلة التي تخدش بنزاهتها.. عدا كل ذلك.. هل القول إن عدم أهلية المحكمة الاتحادية هو السبب في رد الطعون وليس عدم كفاية الأدلة، هو كلام منصف.. أم هو تهمة لتبرير خسارة من خسر!