يخطئ الكثيرون عندما يعتقدون أنهم في مأمن من تلقي جزاء عمل سيئ عملوه، أو ظلم أوقعوه على أحد، وما فطنوا أن سنن الله لا تتغير، وجزاء السيئات قد يكون في الدنيا قبل الآخرة، وعلى أي حال فإنه محتوم لا محالة، فمهما طال أمد الإمهال فيقيناً ستكون النهاية وخيمة، وسيكون العقاب شديداً.

ومن أول صور العقاب التي قد تقع على الظالم تأنيب ضميره، وشعوره بالذنب الذي يحاول تجاهله والهروب منه، إلا أنه في النهاية يقع فريسة الاكتئاب الذي يخيم على حياته فجأة، بسبب تراكم شعوره بالذنب وتأنيب الضمير، وهو ما تشير إليه إحدى الدراسات التي أشارت إلى العلاقة بين الشعور بالذنب والاكتئاب، الذي يقلب حياته جحيماً لا يُطاق، وقد تكون سبباً في نهاية حياته بنفسه في نهاية المطاف.

ومهما حاول الظالمون الهروب للأمام، وتناسي ما خلَّفوه من آلام، لدى من وقع الظلم عليهم، إلا أن تلك الكلمات المدوية وهي حسبنا الله ونعم الوكيل، تظل تتردد على أسماعهم مهما تصنعوا الصمم، حتى تلهب قلوبهم، وتدمي مشاعرهم، ويظل الظالم ينتظر ما سيحل به، فيزيد ألمه، ويتعاظم خوفه، ويزداد كآبةً وحزناً فوق حزنه، لأنها عند النظر في معناها نجد أنها تنقل المظلوم من قدراته المحدودة إلى قدرة الخالق التي لا حدود لها، وتفويض الأمر إليه فهو نعم الوكيل المفوض لمن دعاه.

إن النظر في أحوال الناس وعلاقاتهم، وسماع ما يعانيه الكثيرون من ظلم ذوي القربى، وعدم الاكتراث بعواقب الظلم، تجعل أنه من الواجب علينا أن نذكِّر كل من ظلم بأخذ حق، أو منعه من أحد، أو استغل ضعف يتيم، أو حياء المظلوم من المطالبة بحقه أن الله يقول: «ولا تحسبنَّ الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار»، وهذا الوعيد الشديد من الله هو لتحذير الظالم وردعه، لعله يعود إلى رشده ويتوب ويعيد الحق لأهله، وتعزيةٌ أيضاً للمظلوم أن حقه لن يضيع، وسيعود إليه عاجلاً أو آجلاً، وسيظل المظلوم يناجي ربه، ويتوسل إليه بأن يرد إليه حقه، وأن ينزل غضبه بالظالم، ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب.

لذا فإن الدوائر تدور، فهل أنت مستعد لما ستلقاه أيها الظالم؟.