قبل أن تعلن المحكمة الاتحادية مصادقتها على نتائج الانتخابات، كانت تبدو الرؤية لدى الجهات المعترضة على تلك النتائج، هو نقل المظاهرات إلى داخل المنطقة الخضراء وعلى أبواب مجلس النواب. كما يبدو فإن هنالك من همس بأذن بعض قيادات الإطار، أنه لا مبرر لهكذا تصعيد في حال صادقت المحكمة الاتحادية على النتائج، وهو ما حصل فعلا، فمن المعروف عن أغلب الجهات المعترضة هو، تأكيدها لإيمانها بالدستور، وامتثالها لقرارات أعلى سلطة قضائية في البلد، بغض النظر عن تناغم تلك القرارات مع رغباتها أو جاءت بالضد منها، وهو أمر غاية في الأهمية كونه يعبر عن وعي ضروري، لمن يتبنى خيار الدولة واحترام مؤسساتها الدستورية.

قرار المحكمة الاتحادية حظي بقبول من الكتل الفائزة، وهو أمر طبيعي كونه جاء بما تشتهي سفنهم، لكن مبادرة البعض «الخاسر» إلى تقبل النتائج وتهنئة الفائزين لهو أمر يستدعي الوقوف عنده.. بلحاظ حجم الغبن الذي صرح به ممثلوهم، لوسائل الإعلام والأدلة القوية، التي أرفقت مع الطعون التي قدمت للمفوضية، عقب انتهاء العملية الانتخابية.

إعلان بعض الخاسرين لقبولهم بما صدر عن المحكمة الاتحادية، يدفع باتجاه تعزيز ثقافة احترام السلطة القضائية، ككيان دستوري ضروري، لضبط عملية التبادل السلمي للسلطة، إضافة لرفع الحرج عن بقية الخاسرين، الذين كانوا يرغبون بتبني خيارات أخرى، قد تعرض البلد لفوضى يكون الرابح منها، خدمة المشاريع الخارجية، وأصحاب النهج الإقصائي، والذين يتعاملون بانتقائية في المواقف، التي تتطلب الالتفاف حول مشروع واعٍ، لتطورات الأوضاع في المنطقة، والتي لها تأثير مباشر في الشأن العراقي.

سرعة الاعتراف بتأييد قرار السلطة القضائية، حول نتائج الانتخابات شكل عامل ضغط، على قوى الإطار التنسيقي، لتبني خيار التأييد الذي لا بديل عنه، بخلاف خيار التصعيد الذي إن حصل فلا يتحمل مسؤوليته، غير الإطار بعد أن سارعت بعض القوى التي همشت انتخابيًا، بفرز موقفها ورفضها لمنطق التصعيد، الذي أريد له أن يتسيد المشهد، ليكون حطبه أبناء الوسط والجنوب، سواء القاتل أو المقتول.

لذا يمكن القول إن تلك القوى نجحت لحد ما في إقناع الإطار، بتبني نفس خيار الاعتراف بقرارات المحكمة الاتحادية، ومصادقتها على النتائج، الأمر الذي يساهم في حفظ أمن البلاد واستقرارها، ليصبح الذهاب باتجاه التصعيد من خواطر الماضي.

مهما كانت الرؤية التي يتبناها الفائزون أو تلك التي يسعى لإقناعهم بها الخاسرون، تبقى المسألة بحاجة إلى عامل توازن بين الجانبين، لتقريب وجهات النظر وصولا إلى عشية التصويت على الكابينة الوزارية التي يتطلع إليها الشعب.