كثرت في وسائل التواصل الاجتماعي بعض عبارات التهكم والسخرية مع بداية السنة الميلادية، للتخلص من أناس وخروجهم من حياتنا، وما إلى ذلك من العبارات، وهذا يقودنا إلى أن هناك فعليا بعض العلاقات السامة، فالعلاقات بين الأشخاص تنقسم إلى مجموعتين أساسيتين، المجموعة الأولى هي العلاقات الإيجابية أو الصحية، وهذه العلاقات المرغوبة لا تكون مثالية دائما، ولكن في حال حدوث خلاف فالطرفان قادران على الوصول لحلول بطريقة مرضية لكليهما دون أن تؤدي إلى فرض أحدهما إرادته أو رغباته على الآخر.

أما النوع الآخر فهو العلاقات السامة أو غير الصحية والتي تكون مضرة عاطفيا لأحد الطرفين. وتم استخدام مصطلح العلاقات السامة من قبل ليليان غلاس في عام 1995 في كتابها الشهير (الأشخاص السامون Toxic People).

وهناك عدة أنماط للأشخاص السامون كأن يبالغ في ردة أفعاله ويعتمد اللوم كأداة للهجوم، المرتاب، يعتمد على الآخر في جميع تفاصيله، دائما ما يشعرك بأنك مذنب، شخص استغلالي يسخر منك ويستخف بك دائما، يكذب دائما ويخون، شخص ليس لديه أي التزام عائلي ودائما ما يفضل نفسه.

كل تلك السمات تسبب الإحباط والشعور الدائم بالذنب للطرف الآخر؛ بل وتجنبه الدخول في علاقات جديدة، وتمتد إلى ضعف في الإنتاجية والدراسة، وربما إلى أبعد من ذلك بحدوث أمراض جسدية.

وهنا يتبادر للذهن سؤال، ما سبب بقاء الأشخاص داخل دائرة العلاقات السامة لفترة طويلة من الزمن؟

كثير من يردد على مسامعنا بالتكيف ومهارات التكييف، وهذا الكلام للأسف يزيد المتألمين ألما ويزيد المتحسرين حسرة، إلى أن تتبدد قدرته على التكيف، فالشخص الذي يقمع أفكاره وعواطفه ويوهم نفسه بأنه بحاجة إلى هذا الشخص السام، وأن يكونوا سويا، أو خوفه من الوحدة وبقائه بعزلة عن ذاته ومحيطه، وبأن جميع البشر لديهم مشكلات وصراعات، فيقع في فخ مصطلح التكييف بطريقة خاطئة، ففي اللحظة التي يقرر بها الشخص الذهاب من المكان الذي سبب له الضغط لن تكون لديه القدرة على اتخاذ هذا القرار؛ لأنه استهلك طاقته واستنزفت مجهوده وغير قادر عن التعبير عن الألم، فبعض الأشخاص هم من ينسحب ويخرج من الباب ولا تنطبق عليه عبارة «الباب يفوت جمل».

فسلام على نفس آثرت ألا تتحمل مزيدا من الآلام.

وللتخلص من السمية يتطلب التحرر من فكرة أن من حولك قابلون بك، والتحرر من فكرة أن ما تعمله أنت راض عنه، دعم ثقتك بنفسك وإعادة التوازن، والعمل على إعادة الاتصال مع الآخرين، وتعزز ذلك مقولة المفكر مصطفى محمود «حفظ المسافة في العلاقات الإنسانية مثل حفظ المسافة بين العربات أثناء السير، فهي الوقاية الضرورية من المصادمات المهلكة»، فالنجاح في الحياة ليس مقتصرا على الدراسة أو العمل بل يشمل جوانب عدة، منها النجاح في تجاوز الأزمات وإدارة أفكارك ومشاعرك بتعافيك العاطفي من العلاقات السامة.