كل منا يمر بيوم سيئ أو جيد، يمر بظرف حزين أو لحظات تجعله يطير من الفرح «هل يستويان مثلا»، هل أنت نفسك صباح هذا اليوم نفسك أنت كما بعد الظهر، باختصار «وعلى قولة» دعاية سنكرز «انت مو انت وانت جيعان» وهذا هو الفعلي، وهو الجوع فقط، فما بالك بهل أنت أنت وأنت خسران، هل أنت أنت وأنت مكسور، هل....... وأنت مخذول.... وأنت مظلوم... إلخ، زيادة في الاختصار هل نحن عبارة عن مواد جامدة مبرمجة أم أننا كتل من المشاعر. في مثال بسيط ملؤه التأمل، أن قام أحد الكادر التمريضي بأحد المصحات النفسية بالتلفظ لفظا نابيا لم يلق له بالا، ربما من ضغوطات العمل أو التعود السلبي على تكرار ذلك اللفظ، وكان بالقرب من أحد المرضى، وكان اللفظ البذيء يسيئ للأم، وهذا المريض قد دخل تلك المصحة بسبب فقدانه لأمه تقريبا، وأوشك على الخروج من المصحة لتماثل حالته للشفاء التام والعودة للحياة الطبيعية، هذا اللفظ جعل هذا المريض تنتكس حالته من جديد، ويضطر الفريق المعالج لترحيله إلى أحد المراكز المتقدمه، وهو في الطريق توفي رحمه الله، وهذا الموظف من الكادر التمريضي حينما علم بما حصل لهذا المريض بسبب كلمة بدرت منه خلال أقل من ثانية، دخل نوبة اكتئاب حاد ويرفض تلقي العلاج حتى أصبح حاله مقاربا لحال مريضه، وهذه ليست خرافة أو مقطوعة من ألف ليلة وليلة، بل قصة حقيقية.

والحقيقة الأكثر أنه ليس هذا المريض وحده من انتكس بسبب كلمة، فربما أنه قد سمع بدلا عن هذه الكلمة آلاف الكلمات البذيئة من زملائه في الدراسة وغيرها وربما لم يكن يبدر منه سوى ابتسامات والرد عليهم بدلا عن الكلمة «بعشر»، وإن «طولت طولت» فتصل للتمازح بالأيدي و «كلا يصلح سيارته» فلماذا في ذلك الوقت قتلته هذه الكلمة.

باختصار لأن هذه الكلمة أتت في وقت ضعف لهذا الإنسان، أتت عليه كريشة النعام التي لمست عودا يقف عليه العش فانقض كله، رغم نعومة الريشة إلا أنها ارتطمت بذلك العود في الوقت الحرج.


ما أريد قوله إننا نغلق أفواهنا على أحد من شفار المعركة وأسخن من كرات اللهب، وفي الوقت نفسه فإننا نغلقها على أنعم من الحرير وأرق من نسائم الفجر المحملة بالندى، فلا نبخل بالناعم والرقيق في كل وقت فما بالك إن كان في وقته، وإن كان حادا في وقت ما فإنه سيكون ألف ضعف في وقت آخر، ولذلك فعلينا أن نعود لكلماتنا المؤثرة والتي غيرت مسار أمر ما بالسلب أو الإيجاب، ونسأل أنفسنا هل كانت (الكلمة نفسها أم وقتها).