تساءل مراقبون عما إن كان فهم المزايا التي منحت للمرأة على نحو خاطئ، إضافة لجملة من الأسباب الأخرى، قد أسهم في رفع عدد حالات الطلاق على نحو مطرد، حيث وصل إجمالي عدد صكوك الطلاق حسب ما جاء في بيانات الهيئة العامة السعودية للإحصاء إلى 57 ألفاً و595 صكاً، وذلك خلال الشهور الأخيرة من عام 2020، مرتفعة عن عام 2019 بنسبة 12.7%.

ورصدت «الوطن» ارتفاعا في حالات الطلاق خلال الـ10 سنوات الأخيرة، وتحديدا منذ عام 2011، حيث كانت حالات الطلاق في ذلك العام 34 ألف حالة، ثم ارتفعت خلال هذه السنوات العشر بنسبة وصلت إلى 60 %.

وارتفعت حالات الطلاق في عام 2022 عن الأعوام السابقة، فقد كان عدد حالات الطلاق في عام 2010 هي 9233 حالة، وحسب التقارير في العام الحالي فإن هناك 7 حالات طلاق تتم كل ساعة في المملكة، مما يجعل أنه مقابل كل 10 حالات زواج هناك 3 حالات طلاق.

وساهم اقتراب المرأة من الوصول إلى حدود الاكتفاء الذاتي، إضافة لما تجده من اهتمام وعناية سواء على المستوى الرسمي من القطاع العام، أو من القطاع الخيري غير الربحي، في جعلها أكثر استقلالية على المستوى المادي، وأسهم في زيادة قدرتها على اتخاذ قرار الانفصال أو المطالبة به دون خشية من تبعات الانفصال التقليدية، التي كانت تسبب لها عوزا شديدا يجعلها مضطرة للقبول بحالة زواج تعاني فيها الأمرين؛ لأنه ليس لديها أي خيار آخر متاح.

وتحصل المرأة المطلقة، حسب ما جاء في نظام الضمان الاجتماعي المطور على معاش شهري تحسمه ضوابط استحقاقها للضمان الاجتماعي الشهري، ومنها أن تكون المطلقة سعودية الجنسية، وألا تمتلك المتقدمة بالطلب أي مصدر للدخل لها ولأسرتها، وألا يزيد عمرها عن 65 عاما، وألا يقل عن 35 عاما، وأن تكون مقيمة في المملكة بشكل دائم، وأن يكون لديها حساب مصرفي لتحويل المعاش عليه شهريا، مع وجوب أن يكون طليقها سعودي الجنسية، وألا تكون موظفة في أي جهة.

ارتفاع عالمي

ينفي مختصون أن تكون المزايا التي نالتها المرأة السعودية في الآونة الأخيرة قد أثرت وزادت حالات الطلاق، لأن الزيادة في حالات الطلاق خلال السنوات الأخيرة تبدو ظاهرة عالمية، وليست محصورة فقط في السعودية، فقد أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أن هناك حالتي زواج كل دقيقة، بينما توجد حالة طلاق كل دقيقتين.

بدوره، كشف تقرير نشرته صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، وضع حالات الطلاق والزواج في بريطانيا وفقًا لمكتب الإحصاء الوطني على مدار الـ50 سنة الماضية، حيث تقل معدلات الزواج، فيما ترتفع معدلات الطلاق بمقدار 10 أضعاف.

ووجد الإحصاء أن 68 % من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 وما فوق كانوا متزوجين في عام 1961، في حين أن 0.8 % فقط كانوا مطلقين.

وأضاف التقرير أنه في عام 2011 تبين أن 49 % من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 16 عاما وأكثر متزوجون أو في شراكة مدنية من نفس الجنس، و9 % إما مطلقون أو في شراكة مدنية تم حلها قانونا.

أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فبين بحث نشرته صحيفة «ديزارت نيوز» الأمريكية، فإن أمريكا شهدت عام 2021 -وحسب مشروع الزواج الوطني- 339 ألف حالة زواج، ونحو 190 ألف حالة طلاق.

وفي روسيا، وصل الطلاق في عام 2021 إلى أعلى مستوياته منذ 7 سنوات، وذلك حسب تقرير نشرته صحيفة «موسكو تايمز» الروسية، بين أن المناطق المحافظة ذات الأغلبية المسلمة في البلاد شهدت أكبر الزيادات بشكل غير متوقع.

وحسب الصحيفة، ونقلا عن مؤسسة استشارية وقعت 251 ألف حالة طلاق بين يناير ومايو 2021، بزيادة قدرها 44 % مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020.

الطلاق في بلاد العرب

حلت الكويت في مقدمة الدول العربية من حيث معدلات الطلاق بين عامي 2018 و2020، بمعدل 2.4 حالات لكل 1000 من السكان، ثم مصر والأردن بمعدل 2.1 حالة لكل 1000، ثم سورية 1.8، فالجزائر 1.6، والسعودية 1.5، ولبنان 1.2، وليبيا 1.! والإمارات 0.7، وقطر 0.4.

وتشير أبحاث رسمية إلى أن الطلاق في الدول العربية بات ظاهرة واضحة، فإضافة إلى 7 حالات طلاق تقع كل ساعة بمعدل 162 حالة يوميا في السعودية، تسجل تونس 940 حالة طلاق شهريا بمعدل 4 حالات كل 3 ساعات، وفي العراق 62 ألف حالة طلاق سنويا، وفي الجزائر ارتفعت حالات الطلاق إلى 64 ألف حالة سنويا أي بمعدل حالة كل 12 دقيقة، وفى الأردن 14 ألف حالة طلاق سنويا.

وتتباين أسباب الطلاق في العالم العربي، بين الخيانة وغياب التفاهم والحوار، والعنف، وتدخل الأقارب، وعدم الإنجاب، واختلاف الطباع والعادات، وغياب الاحترام، والظروف المالية، وعدم الاهتمام.

خسارات اجتماعية مادية

ولا يقتصر أثر الطلاق السلبي على التأثير الاجتماعي فقط، بل تترتب عليه خسائر مادية، ففي السعودية قدرت تقارير إعلامية حجم الخسائر الناجمة عن الطلاق بنحو 3.5 مليارات ريال كل عام، محسوبة على أساس أن كلفة الزواج الواحد تصل إلى 60 ألف ريال، وهي قيمة قرض تمويل الزواج في بنك التنمية الاجتماعية، فيما قد تصل الكلفة في الواقع إلى ضعف هذا، ما يجعل الخسائر المادية الناجمة عن حالات الطلاق تتجاوز سبعة مليارات ريال سنويا.

خيار أتاحته الشريعة

يقول المستشار التربوي والأسري أحمد النجار إنه «مما لا شك فيه أن الطلاق - حتى وإن كان مؤلماً وجالباً لكثير من الضرر على الأسرة والمجتمع - إلا أنه يظل أحد الخيارات التي أتاحتها الشريعة الغراء، ويمكن اللجوء إليه لإنهاء علاقة صار استمرارها مُدمراً أكثر بكثير من إنهائها».

ويضيف «لكن - وهنا بيت القصيد - متى يلجأ الزوجان أو أحدهما إليه؟ وكيف يتم اتخاذه؟ وكيف تتم إدارته إدارة راقية وإنسانية وفاعلة، تضمن التخفيف من أضراره والاستفادة القصوى منه كخيار إستراتيجي؟.. هذه مسؤولية الطرفين».

ناقوس خطر

أضاف النجار «أما فيما يتعلق بالأعداد وازديادها، فهذ أمر يقرع ناقوس خطر حقيقي لا يهدد الأسرة فحسب بل المجتمع كله، ومن وجهة نظري فإن ازدياد أعداد الطلاق، له أسباب عدة، منها ما هو منطقي وطبيعي ومنها خلاف ذلك، فالمنطقي والطبيعي أن هناك علاقة طردية بين ازدياد أعداد الزواج وبين ازدياد أعداد حالات الطلاق، أما ما يحتاج للتوقف حقا هو بعض الأسباب مثل: غياب كثير من الثقافات أو ضعفها عند الزوجين، ومنها ثقافة المصارحة والاعتذار والشكر والتعاون والحوار، ومنها كذلك الاختلاف الفكري والثقافي الذي يؤدي إلى خلافات مدمرة وبالذات عند غياب الثقافات التي ذكرناها، ومنها تسارع عجلة الحياة وكثرة المتغيرات وتعدد المسؤوليات والتطورات التي لحقت بالعلاقة الزوجية، وكذلك تدخل من هم حول الزوجين تدخلا سلبيا بقصد أو بغير قصد، وكذلك الإعلام بشقيه القديم والحديث، وما يتم طرحه من خلاله من تخبيب للزوجين وإفساد للعلاقة المقدسة بينهما بحجة الاستقلالية والحرية المزعومة».

أسباب غريبة

تزداد حالات الطلاق بين الأزواج الذين تراوح أعمارهم بين العقدين الثاني ومنتصف الرابع، حسب بعض الدراسات لأسباب لا يستوعبها العقل ولا المنطق، وترد عنها قصص تكاد تكون غير واقعية وخيالية، كالزوجة التي طلبت الطلاق لأن زوجها أجبرها على إلغاء حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، وغيرها من القصص التي يرى كثيرا أن ما فيها لا يستحق أن تكون سببا لإنهاء علاقة مقدسة كالزواج.

وكذلك من ضمن الأسباب تمسك الأزواج ببعض الشروط في عقود الزواج وعدم التزام الطرف الآخر ببعضها، مثل شرط إكمال الزوجة دراستها أو بحثها عن وظيفة.

ورغم أن الغالبية يعيشون في ظروف اقتصادية جيدة، فإن خبراء علم الاجتماع وجدوا أن الحالة الاقتصادية الجيدة قد تكون من بين أسباب الطلاق، بسبب سهولة الزواج للمرة الثانية إذا أراد الزوج، إضافة لقدرة المرأة على العيش دون حاجة لزوج ينفق عليها، خصوصا أن هناك ما يشبه الرعاية للمطلقات من قبل الجهات الخيرية التي تسعى للحد من آثار الترمل والطلاق وتحييد آثارهما على الأسرة.

أسباب للطلاق اتفق عليها الخبراء

- غياب ثقافات أو ضعفها عند الزوجين كثقافة المصارحة والاعتذار والشكر والتعاون والحوار

- الاختلاف الفكري والثقافي الذي يؤدي إلى خلافات مدمرة

- تسارع عجلة الحياة وكثرة المتغيرات وتعدد المسؤوليات والتطورات التي لحقت بالعلاقة الزوجية

- تدخل الآخرين في حياة الزوجين تدخلا سلبيا بقصد أو بغير قصد

- الإعلام بشقيه القديم والحديث وما يتم طرحه من خلالهما من تخبيب للزوجين وإفساد للعلاقة بحجة الاستقلالية والحرية المزعومة

- الخيانة الزوجية التي غالبا لا يتم التصريح بها ضمن الأسباب ويخجل أحد الزوجين من فضحها

شروط حصول المطلقة على معاش

1ـ أن تكون المطلقة سعودية الجنسية

2ـ ألا تمتلك المتقدمة بالطلب أي مصدر للدخل لها ولأسرتها

3ـ ألا يزيد عمرها عن 65 عاما، وألا يقل عن 35 عاما

4ـ أن تكون مقيمة في المملكة بشكل دائم

5ـ أن يكون لديها حساب مصرفي لتحويل المعاش عليه شهريا

6ـ أن يكون طليقها سعودي الجنسية

7ـ ألا تكون موظفة في أي جهة