باعتبار أن الجميع دخل برغبته أو رغما عنه، فقد جاءت التقنية الجديدة لإلغاء العنصر البشري أو التقليل من شأنه، باعتبار التقنية أسرع وصولاً بل وأكثر تنوعا.

لكن التقنية تقع في مأزق إنساني، لم تستطع التملص منه، أو أنها رغم قدرتها فما زالت الرغبة الإنسانية الدفينة، معرفة أسرار الناس ومنازلهم وتحركاتهم، وماذا يلبسون وماذا يأكلون، تمثل هاجساً إنسانياً دافعت الأديان والمذاهب عنه، وعن حدود الحرية للإنسان،لكن التقنية الذكية دغدغت هواة التلصص والانشغال بالآخر، فلم ترغم أحدا على الاشتراك رغما عنه، وأقصد به «السناب شات» أو «النمام» الجديد، والذي ينقل إليك ماذا فعلت فلانة وماذا صنع فلان، ونوعية الغداء أو العشاء الذي تناولوه، و.. و.. و.. إلخ، بل تتجاوز أحيانا إلى خصوصيات عائلية لا يجرؤ عاقل أن يسمح لنفسه بعرضها على الملأ، ولكن لله في خلقه شؤون !

سوف ينهض أحدهم ليرفع صوته معترضا: هذا ما يراد بالدين ! وأقول له على الفور:

ما دخل الدين بذلك؟ أنت الذي تختار وليس الدين، أنت الذي دخلت بطواعيتك الكاملة ولم يرغمك عليها أحد، أليس كذلك ؟، لا تلبس ضعفك وعدم قدرتك على الدين الذي لم تستوعبه، بل أنت تحيل فشلك الإنساني للدين، فقط لتنجو ؟! والغريب أن تلك نجاة دنيوية زائلة، والدين مشروع للحياة إن قرأته بوعي، دون تمتمة تكشف أوراقك.

أعتقد أني ذهبت بعيداً عن جوهر المقال، والذي يريد أن يثبت، أن «السناب شات» مأزق أخلاقي من قبل ومن بعد. هذا رأيي الخاص، ولكل رغبته وميوله، طالما أنها لا تؤذي الآخر، ولا تتدخل في خصوصياته ومساحة حرياته.