ليس سرًّا أن هناك العديد من الجامعات والتي تقدم برامج دراسات عليا عن بعد، هي جامعات مرموقة وذات سمعة عالمية، ولها تاريخ طويل، على عكس كثير من الجمعات الأقل تاريخًا حول العالم والتي لا تزال لم تتجاوز الذهنية النمطية حول قضية التعلم والتعليم. وفي القرن الحادي والعشرين، حيث نتجه إلى الالتحام مع عوالم الثورة الرابعة، وإنترنت الأشياء، بات من الضروري على كثير من الجامعات التفكير في إدراج برامج الدراسات العليا لتكون متاحة وفق ضوابط خاصة لكل جامعة، لتعزيز فرص الأفراد محليا وعالميّا للاتحاق بتلك البرامج والإفادة منها.

والدراسات العليا عن بعد والتي توفرها جامعات مرموقة حول العالم اليوم، يتم تفعيلها وتنفيذها وفق منهجيات علمية، وأدوات أكاديمية، ونُسُق تمتاز بالشفافية من أجل ضمان تحقيق معايير عالية ومضمونة في المحصلة النهائية لتخرج الطالب.

ومن البديهي أن بعض الدراسات العليا التي تتطلب أعمالًا تطبيقية هي أقل شيوعًا ضمن البرامج التي توفرها الكثير من الجامعات التي ارتضت مبدأ الدراسات العليا عن بعد، مع أن كثير من الدراسات التطبيقية يمكن تنفيذ برامج دراسات عليا في إطارها عبر تطبيق الجانب العملي فيها محليا، وهو ما لم يعد صعبًا في عصر نقل المعلومة عبر التكنولوجيا الذكية.

الدراسات العليا عن بعد باتت ممكنة أكثر من أي وقتٍ مضى، ومن المستغرب أن نكون في عصر العولمة، والانفجار المعرفي، والتقنية الذكية، وتحوّل العالم إلى قرية صغيرة منذ ما لا يقل عن ربع قرن، ولا تزال الكثير من جامعاتنا العربية والكثير من الجامعات الأجنبية في دول أخرى تناقش قضية الدراسات العليا عن بعد كما لو أننا لا نزال نبارح مكاننا في عشرينيات القرن العشرين.

إننا اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى، بحاجة إلى تفعيل هذا النمط من الدراسة لنخدم الكثير من شبابنا الطموح الذي يتمنى الحصول على فرص لإكمال دراساته العليا وتطوير إمكاناته وفرص العيش الكريم.

بينما نسعى جميعا إلى إحداث تغييرات إيجابية في المجتمع الإنساني أينما كان، علينا أن نسعى إلى إعادة النظر في مقاييس التعليم العالي وأنماطه وطرائقه ونماذجه وتطبيقاته. لقد بات العالم اليوم بحاجة إلى إعادة صناعة لكثير من مفردات الواقع لمواكبة متطلبات المجتمعات الجديدة التي أوجدتها التكنولوجيا الحديثة، وفي ظل عالم متسارع النمو كما لم يسبق وأن حدث في التاريخ البشري من قبل، لابد أن نتعجب لماذا وحتى يومنا هذا يجب أن يُكتَب مقال يتحدث عن ضرورة تطبيق برامج تعليم عالٍ عن بعد!