ذكر موقع (ساينس أليرت) العلمي أن مشروع (واسو) للمومياء كشف طريقة الحفاظ على الجنين داخل جسد السيدة المصرية الميتة.. وكيف بقي الرحم على حاله سليما ولم يمسه شيء.. وكيفية الحفاظ على جنين داخل أحشاء امرأة مصرية قديمة وضعت في مومياء. كانت المرأة المصرية القديمة ماتت قبل أكثر من 2000 عام، ولا تزال هويتها وكيفية موتها لغزين بلا حل.

في أبريل من العام الماضي، ضجّت وسائل الإعلام بخبر اكتشاف أول مومياء مصرية حامل ضمن «مشروع مومياوات وارسو»، وهي محفوظة في المتحف الوطني البولندي بالعاصمة وارسو.

وقد عادت قصة المومياء الحامل للواجهة مجددًا، بعدما نشرت مجلة العلوم الأثرية في مطلع الشهر الجاري مقالة علمية لأستاذة الأشعة التشخيصية بجامعة القاهرة، الدكتورة سحر سليم، خبيرة أشعة الآثار، عضو مشروع المومياوات المصرية التابع لوزارة السياحة والآثار المصرية، تدحض فيها فرضية الباحثين البولنديين.

وافترض الفريق البولندي في الدراسة الأولى التي نشرت بمجلة العلوم الأثرية في أبريل الماضي، أنّ المسح الضوئي كشف أنّ المومياء التي كان يُعتقد أنها لكاهن في بادئ الأمر هي مومياء أنثى وضعت في «التابوت الخطأ»، وبداخلها جنين عمره ما بين 26 إلى 30 أسبوعًا، وأنّ الأم توفيت لأسباب غير معلومة.

رأي جديد في ردّها على الباحثين البولنديين، فنّدت اختصاصية الأشعة بجامعة القاهرة سحر سليم، الأسباب التي دفعتها إلى الاعتقاد بعدم وجود جنين داخل المومياء.

مؤكدةً «أنّ ما اعتبروه جنينًا هو في الحقيقة عبارة عن لفائف تستخدم في التحنيط».

وتضيف الطبيبة المصرية، خبيرة المومياوات، أنّها عادة ما ترى لفائف مماثلة لما عثر عليه الفريق البولندي داخل حوض المومياوات المصرية القديمة في الأشعة المقطعية، والتي يمكن تصورها بأشكال مختلفة. وتوضح سليم أن الفريق البولندي استند في التشخيص إلى المظهر الخارجي لكتلة الحوض التي تشبه الجنين الملفوف، ولكن دون الكشف عن أي تكوين تشريحي أو عظام.

رأس الجنين

وتردف: «من غير المحتمل أن يكون الهيكل المضغوط شبه المستدير الكثيف هو (رأس جنين) كما قال الباحثون البولنديون، لأن عظام الجمجمة لدى الجنين لم تكن قد التحمت بعد، وهو الأمر الذي يجعلها تنهار وتتفكك بعد الموت، لكن الفريق البولندي لم يرد على هذه النقطة المهمة». وتضيف أن «ما أشار إليه البحث على أنه يد الجنين هو في الغالب تهيؤات لا ترقى إلى مستوى اليقين».

وعن احتمالية وجود رحم بداخله جنين في المومياء من الأساس، تقول سليم إنّ «فلسفة التحنيط لدى المصريين القدماء كانت تعتمد على إزالة كل الأحشاء حتى لا تسبب تحلل الجسم، فكيف لم يتم إزالة الرحم، وهو عبارة عن بيئة غنية بالبكتيريا تتسبب في تلف المومياء.. هذا هو السبب وراء عدم العثور على أيّ رحم به جنين داخل المومياوات المصرية القديمة».

حول صحة الفرضية

في المقابل، يدافع الفريق البولندي عن فرضيته، إذ يبرر قائد الفريق، فويتشخ إجسموند، عدم وجود عظام داخل الجنين بأنها ذابت في «مياه الجنين»، موضحاً أن «البيئة في جسم الإنسان قلوية، بعد الموت، تصبح حامضية بسبب العمليات الكيميائية التي تنتج حمض الفورميك والأمونيا في الجسم، وهكذا، فإن البيئة الحمضية لمياه الجنين أذابت العظام».

ويضيف إجسموند لموقع «سكاي نيوز عربية»: «يجب أن نتذكر أيضًا أنه حتى الشهر السابع من الحمل تكون عظام الجنين ضعيفة التمعدن، بحيث يمكن أن تذوب بسهولة أكبر من عظام الأطفال الأكبر سنًا والبالغين».

ويستدل الباحث البولندي على صحة فرضيته بظاهرة مماثلة إلى حد ما، مشيرًا إلى الأجسام المحنطة بشكل طبيعي والتي تم ترسيبها في مستنقعات في شمال أوروبا، «لذلك نحن نعرف المومياوات التي لا تحتوي على عظام بسبب عمليات كيميائية مماثلة». ويستطرد: «لتبسيط الأمر، يمكن إجراء تجربة بسيطة مع بيضة تحتوي قشرتها على الكثير من الكالسيوم، مثل عظام الإنسان.

تخيل وضع البيضة في إناء مليء بالحمض؛ النتيجة: يذوب قشر البيض، ويتبقى فقط ما بداخل البيضة (الزلال والصفار) والمعادن من قشر البيض المذابة في الحمض».

ويتابع: «يحدث انحلال مماثل للعظام في البيئة الحمضية للمستنقعات وفي مياه الجنين، هذا هو السبب في عدم وجود عظام في الجنين، ولكن الأنسجة الرخوة بقيت على قيد الحياة».