يرى مراقبون أن الحرب في أوكرانيا وشيكة، بل إنها ربما تكون في غاية الأهمية بالنسبة للبيت الأبيض، وفقًا لما ذكره المحلل السياسي الأمريكي جريج كانسك الذي خدم في الكونجرس في الفترة بين (1995 - 2003)، وأضاف أن روسيا حشدت حوالي 170 ألف جندي بالقرب من الحدود الأوكرانية، بما في ذلك الوحدات الآلية ووحدات العمليات الخاصة.

وفي الوقت الذي يحذر البنتاجون من أن روسيا قد ترعى هجوم «العلم الأسود» على «المواطنين الروس» شرقي أوكرانيا وتستخدم ذلك كذريعة لغزو أوكرانيا مرة أخرى، وإلغاء وقف إطلاق النار في مينسك، قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سلسلة من المطالب إلى الغرب، وأصر على أنه لا ينبغي أبدًا السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى الناتو، وأن الناتو يجب أن يتخلى عن النشاط العسكري في أوروبا الشرقية.

ذريعة المطالب المستحيلة

يرى كانسك وغيره من المحللين الأمريكيين أن موسكو باقترابها من أوكرانيا فهي تهدد حرفيا بولندا ورومانيا والتشيك ودول البلطيق، وكذلك السويد وفنلندا.

وجاء الرد الأمريكي واضحًا على مطالب بوتين بأنها مرفوضة تمامًا فلن يسمح لروسيا أن تنتقد سياسة الباب المفتوح التي يتبعها الناتو.

رسالة فعلا أم زلة لسان

من جانبه، أثار الرئيس الأمريكي جو بايدن في مؤتمره الصحفي الأخير الجدل حول تصريحه بأن بوتين سيدفع «ثمنًا جادًا وغاليًا» لغزو أوكرانيا، لكنه قال أيضًا إنه قد يعتمد على كيفية قيام روسيا بهذا الأمر. وأضاف «إذا كان توغلًا بسيطًا، فلن يكون الثمن غاليًا».

بعد ذلك بساعات أصدر البيت الأبيض بيانًا أوضح فيه أن ما ورد على لسان بايدن لم يكن إلا مجرد زلة لسان، الأمر الذي اعتبره البعض بأنه رسالة إلى موسكو بأن تمضي في خطتها لغزو أوكرانيا في حين أن الدب الروسي نفى في أكثر من مرة نيته القيام بهذا الأمر ولكنه فقط يدافع عن مصالحه.

بعد سماع بايدن، غرد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قائلًا «لا توجد عمليات توغل بسيطة، تماما كما لم تقع إصابات طفيفة وحزن بسيط على فقدان أحبائهم». ثم قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن غزو روسيا لأوكرانيا «على أي نطاق مهما كان سيكون بمثابة كارثة للعالم».

التزامات أمريكية

كرر بايدن دعمه للالتزامات تجاه حلف الناتو، لكنه أوضح «لا ينبغي أن ننسى التزامنا تجاه أوكرانيا»، في عام 1994، توسطت واشنطن في صفقة تسمى مذكرة بودابست مع كييف وموسكو تقضي بموجبه أوكرانيا على صواريخها الإستراتيجية وقاذفاتها ونقل 1900 رأس نووي نووي إلى روسيا. في المقابل، قدمت الولايات المتحدة وروسيا، وانضمت إليهما بريطانيا، ضمانات أمنية لأوكرانيا «تحترم استقلال أوكرانيا وسيادتها وحدودها الحالية» وتعهدًا «بالامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها» ضد ذلك البلد.

ملفات داخلية صعبة

الأمريكيون الآن خائفون من الحرب ربما أكثر من الروس، وذلك وفقًا للمحللين الأمريكيين الذي يرون أن هناك قضايا صعبة تعصف بالداخل الأمريكي مثل آثار جائحة كوفيد، والتضخم المرتفع، ومشاكل سلسلة التوريد، وارتفاع معدل الجريمة، والحدود غير الآمنة، وغيرها كثير.

يقول المحلل السياسي الأمريكي جريج كانسك «ومع ذلك، يجب أن يفهم الأمريكيون مدى خطورة تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا وكيف يمكن أن تؤثر على كل واحد منا».

وأضاف «بمجرد أن تبدأ الحرب، قد يكون من الصعب للغاية احتواؤها. شاهد الحرب العالمية الأولى وبدايتها في أوروبا الشرقية. وستوفر الحرب في أوكرانيا فرصة للصين لغزو تايوان».

الغاز الروسي يربك أوروبا

تفرض حسابات متداخلة نفسها على الموقف الأوروبي من الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، ولعل من أبرزها الغاز الروسي الذي يمد القارة الأوروبية بالطاقة، خاصة في فصل الشتاء. وفيما يقف الغرب موقفًا مناوئًا من موسكو حال غزو أوكرانيا، وبينما تُقرع طبول الحرب بين الجانبين على خلفية تلك الأزمة، إلا أن ملف الغاز يُربك تلك الحسابات الأوروبية، لجهة اعتمادها على إمدادات الغاز الواردة من روسيا.

وما هي البدائل التي تمتلكها دول القارة العجوز حال قطع الغاز الروسي عنها؟.. وهل تلك الخيارات البديلة ناجعة بالنسبة لأوروبا من حيث الجودة والتكلفة والسرعة بالنسبة لإمدادات الغاز؟.

وبمواجهة تلك الحالة يقف الاتحاد الأوروبي، الذي يعتمد على روسيا في تلبية نسبة تصل إلى 40 % من إمدادات الغاز، أمام معضلة حقيقية.

ويزداد الأمر تعقيدًا مع المواقف متباينة داخل أوروبا نفسها إزاء ملف «الغاز الروسي»، وتتجسد بشكل لافت في الموقف من خط أنابيب غاز بحر البلطيق «نورد ستريم 2»، الذي يضاعف كمية الغاز من روسيا إلى ألمانيا، في وقت ترى فيه برلين أنه مشروع اقتصادي بعيد عن السياسة في ظل اللغط المثار حوله، وبرغم تلميحات واشنطن وبرلين بتعطيله حال اقتحام أوكرانيا.

انقسام أوروبي

فيما تتواصل باريس مع موسكو لمحاولة تهدئة الوضع، وترفض برلين إرسال أسلحة لأوكرانيا، وقف كثير من أعضاء الناتو في حيرة من أمرهم إزاء التحذيرات التي أطلقتها الإدارة الأمريكية إلى رعاياها في أوكرانيا بضرورة مغادرة البلاد، وهو الأمر نفسه الذي فعلته بريطانيا، ولكن ماذا عن بقية البعثات الدبلوماسية الخاصة بالناتو؟

الإجابة على هذا التساؤل لم تلق جوابا عند الإدارة الأمريكية، الأمر الذي جعل حلف الناتو في موقف محرج، وجعل كثيرين يتكهنون بغياب التنسيق الأمريكي مع الناتو. أما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فاكتفى بمناشدة الدول الغربية بعدم إثارة «الذعر» بسبب الحشود العسكرية الروسية على حدود بلاده.

ماذا يعني استيلاء روسيا على أوكرانيا

تغير بشكل كبير للوضع الإستراتيجي في أوروبا

إضافة 45 مليون نسمة من أوكرانيا وقاعدتها الصناعية إلى روسيا

تحويل البحر الأسود إلى بحيرة روسية

إعادة تعبئة قوات الناتو ونشر قوات كبيرة في بولندا ورومانيا

ستواجه بولندا وليتوانيا القوات الروسية على طول ممر الناتو