عندما علق الطفل «ريان» في المغرب لفت أنظار العالم إليه بكل مشاعرهم ودعواتهم وقلوبهم، وأمنياتهم التى توحدت على سلامته.

سقط «ريان» في أقصى الكون ببئر صنعها إنسان يريد بها خيرا له ولمن حوله، وقد يكون أحد أجداده أو أبيه أو أقاربه، أصحاب المبادئ والقيم والشيم والدين، لم يرد شرا بالبرىء «ريان».

إنها الأقدار وحكمة المولى. ما فتحت هذه البئر لتلتهم «ريان» بآماله وبراءته وطفولته، سواء حفرها صديق أو قريب.

هل فكرتم كم بئر خير حفرتموها من العادات والتقاليد العقيمة، وقيود مجتمعية وأفكار بالية، تلتهم رياناتكم وأخواتكم وبناتكم؟ّ!.

كم ريانة عالقة في بيوتنا تئن بلا صوت، وتحترق مشاعرها وآمالها ومستقبلها في بئر المجتمع وقوانينه الوضعية، التي تتغير حسب رأي حفارها؟.

قد تكون ريانة تأكل وتلبس وتتنفس طبعا، وتتحرك بطلاقة، ولكنها لا تفرق عن «ريان» كثيرا، فحركتها محدودة بمساحة غرفتها والصالة وبيت خالتها أحيانا، وصوتها غير مسموع نهائيا ما عدا خلف الأسماء المستعارة في الـ«سوشيال ميديا»، إن تمكنت، ورأيها غير مؤثر نهائيا حتى في قضاياها الخاصة إذا لم يوفق بدعم صوت آخر من حولها.

بئر المجتمع عميقة جدا، ليس بأمتار معدودة ليقع فيها طفل صغير وحيد. بئر ريان مفتوحة في كل بيت، وضحاياها بالآلاف، وقد تتجاوز الملايين.

ادخلوها وتحدثوا معهن دون حواجز وقيود.

أعرفوهن كما هن الآن، ليس بالضرورة أن يعرف العالم كله ما يحدث بيننا وبين رياناتنا، وليس بالضرورة أن تهرب من بئرها، وتتمرد عليها، وتصدم بالمجتمع القاسي ومشاكل الحياة، وتظهر بالصورة المشينة والخاطئة التي لا نريدها أن تصل إليها أبدا بكل ما فيها من معاناة وحرمان، وعوائق قد تدمرها نهائيا.

«ريان» قد يخرج إن شاء الله، ويعيش ويتجاوز كل العقبات وينطلق، لأنه طفل واحد وبئر واحدة.

ملايين الآبار مفتوحة اليوم في بيوتنا، فاحذروا منها. أنا هنا لا أنادي بردمها أبدا، ولكنني أقول لنشرب منها نحن ورياناتنا، ونتحاور على جالها.