بين مختصون في مجال مكافحة السرطان حول العالم أن عدم المساواة في توفير خدمات الرعاية الصحية لمرضى السرطان يؤدي إلى زيادة عدد الوفيات، مشيرين إلى أهمية تنسيق وتضافر الجهود وإيجاد الآليات ومصادر التمويل اللازمة لمواجهة المرض والحد من انتشاره.

وكشفت نتائج دراسة أجراها المعهد السويدي لعلم اقتصاد الصحة، المؤسسة البحثية العالمية في مجال الرعاية الصحية، بالتعاون مع مجموعة البحوث الدوائية ومصنعي أمريكا «PhRMA»، أن السعودية كانت الأقل زيادة في عبء حالات الإصابة بمرض السرطان خلال الفترة بين عامي 2000 و2016 من بين 9 دول شملتها الدراسة، حيث يتم قياس عبء هذا المرض من خلال معدل حالات الإصابة بالسرطان ومعدل «سنوات العمر المعدلة حسب الإعاقة»، وهو مقياس لمنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي لقياس إجمالي العبء العالمي للأمراض، مُعبرًا عنه بعدد السنوات المفقودة بسبب اعتلال الصحة أو الإعاقة أو الوفاة المبكرة.

وأشارت الدراسة إلى المعدل الثابت للإصابة في المرض في المملكة على مدى عدة سنوات، مقابل زيادته في الدول الـ8 الأخرى التي شملتها الدراسة.

استقرار المعدل

تضمنت الدراسة تقييما لحالة رعاية مرضى السرطان في 9 بلدان في الشرق الأوسط وأفريقيا، هي الجزائر ومصر والأردن والكويت ولبنان والمغرب والسعودية وجنوب أفريقيا والإمارات، وخلصت إلى أن المرض يمثل السبب الرئيس الثالث للوفيات في البلدان التسعة في مطلع الألفية، ولكنه تقدم ليحتل المرتبة الثانية بعد أمراض القلب والأوعية الدموية في 6 دول من أصل الدول الـ9 محل الدراسة بحلول عام 2016.

وقال التقرير إنه «بالرغم من زيادة معدل سنوات العمر المعدلة حسب الإعاقة للسرطان في السعودية، فإن معدل حالات الإصابة لديها بالسرطان ظلت ثابتة تقريبًا، على عكس البلدان الثمانية الأخرى في الدراسة حيث ارتفع معدل الإصابة بالسرطان على مدار 16 عامًا».

ومع ذلك، أورد التقرير من بين توصياته «تحسين الكشف والتشخيص المبكر للسرطان في السعودية، وإدخال برنامج وطني لإجراء مسحة عنق الرحم»، وهو ما تفتقر إليه المملكة حاليًا.

ضعف خيارات التشخيص

ذكر المدير التنفيذي لمنظمة «PhRMA» في الشرق الأوسط وأفريقيا سمير خليل أن «الافتقار إلى الوصول إلى خيارات التشخيص والعلاج المبتكرة، إلى جانب التغيرات الديموجرافية، تعد من التحديات الرئيسة التي يجب مواجهتها والتعامل معها في رعاية مرضى السرطان».

وقال «تضم البلدان التسعة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا التي شملها هذا التقرير حوالي 300 مليون شخص، ومع توقع زيادة حالات السرطان التي تم تشخيصها حديثًا إلى الضعف تقريبًا من 410.000 إلى 720.000 حالة سنويًا بين عامي 2020 و2040، فإن صانعي السياسات الصحية بحاجة إلى إعداد أنظمتهم الصحية لمواجهة المرض المتزايد بشكل مطرد والعبء الاقتصادي الذي يفرضه السرطان. ولا شك أن الأدوية المبتكرة يمكن أن تلعب دورـا رئيسُا في هذا المجال. ولتلبية الاحتياجات المتزايدة، تعمل شركات الأبحاث الدوائية الحيوية على تطوير علاجات جديدة وأفضل تحملًا، حيث هناك أكثر من 1300 دواء ولقاح لمختلف أنواع السرطان قيد التطوير حاليًا».

ارتفاع الحالات للضعف في 2040

أفاد التقرير أن حالات الإصابة بمرض السرطان في المنطقة يمكن أن ترتفع بمعدل الضعف تقريبًا خلال الفترة بين عامي 2020 و2040، وذلك في حال لم يتم اتخاذ إجراءات فورية للحد من هذا الارتفاع وانتشار المرض.

وأفاد أن حالات السرطان التي تم تشخيصها حديثًا يمكن أن ترتفع من 410.000 في عام 2020 إلى 720.000 بحلول عام 2040، فضلًا عن وجود عوامل النمو السكاني، والشيخوخة بين أفراد المجتمع، والتغييرات في نمط الحياة، والتي تسهم جميعها في زيادة انتشار المرض وحالات الإصابة به في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بصورة أسرع من أي مكان آخر في العالم.

المرضى في السعودية

حول المشاكل التي قد تواجه بعض الحالات وتسبب بعض التأخير في علاج مرضى السرطان في المملكة، أشارت استشاري علاج الأورام بالأشعة الدكتورة مها الإدريسي إلى وجود عدة أسباب، منها تشخيص المرض في مراحل متأخرة مما يجعل عملية العلاج صعبة، وهذا بعكس المريض الذي يتم تشخيص السرطان لديه في مرحلة مبكرة، حيث يسهم ذلك في نجاح العلاج بإذن الله.

وأضافت «من المهم وجود وعي صحي للمجتمع بأهمية الفحوصات الدورية والصحة العامة، ولذلك تقوم وزارة الصحة بحملات توعوية، مثل فحص سرطان الثدي ومسحة عنق الرحم والدعوة لإيقاف التدخين وغيرها، بهدف رفع مستوي الوعي الصحي والحرص على اكتشاف الأمراض في مراحل مبكرة لزياده الاستفادة من العلاج واتخاذ التدابير اللازمة للتقليل من الإصابة كإيقاف التدخين وممارسة الرياضة والتغذية الصحية واتباع أسلوب صحي للحياة بشكل عام».

وحول وجود بعض المرضى الذين يميلون إلى استخدام الطب البديل، قالت الإدريسي »هؤلاء موجودون، ويميلون إلى الاعتقاد لجدوى العلاج بالطب البديل، تقابلهم فئة كبيرة من الأشخاص الذين يؤمنون بالعلم الحديث، ويثقون في طبيبهم والخطة العلاجية التي يقدمها لهم بعد المشاورات معهم وشرح جميع أجزاء الخطة».

الأسرّة والكوادر

بقيت مسألة توفر الأسّرة في مراكز العناية، وكذلك الكوادر الطبية الكافية والمؤهلة هاجسا مهما لكثيرين، وتقول الإدريسي «وجود كادر طبي عدده كاف نسبة إلى عدد المرضى هي مسألة يصعب توفرها لمبررات مختلفة في كثير من دول العالم، والمملكة تحرص على توفر أدوية علاج السرطان وتكامل الخدمات الطبية المقدمة للمرضى والمجتمع».

وتابعت «وفيما يخص مسألة قلة وجود عدد كاف من الأسرّة الشاغرة فمن الحلول هو رفع الوعي الصحي عند المجتمع حيث إن الأسرّة حاليًا يشغلها مرضى الأمراض العامة مثل السكري والقلب وغيرهم، بينما في حال وجود وعي صحي، قد يمكن حينها تفادي هذه الأمراض وعدم حاجة المصابين بها للمكوث في المستشفيات وبالتالي تقليل الاحتياج إلى التنويم والاستهلاك للخدمات الطبية».

توفر المراكز

تقتصر مراكز علاج الأورام على المدن الكبيرة، وتغيب عن الصغيرة، وتؤكد الإدريسي «تحتوي الممكلة على عدد من المراكز لعلاج السرطان وعلى أعلى المستويات، لكن مسألة توفرها في المدن الصغيرة هو أمر غير ممكن، وحتى عالميًّا، نجد أن المراكز العلاجية المختصة تقع في المدن الكبرى، ولأن هذه المراكز تحتاج شروطًا معينة ومساحات وعدد كادر معين ومختبرات تابعة لها وعددًا من الإجراءات التي لا يمكن توفيرها بسهولة في المدن الصغيرة».