قيل قديما: «للكلام وقت عند العقلاء، ولكن عند الحمقى كل وقت هو للكلام».

وفي المجتمع من يعيب على الصامت، مع أن في الصمت حكمة، قال الخليفة الراشدي الرابع علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في الصمت «إذا تم العقل نقص الكلام».. وكذلك حكمة عمرو بن العاص في الصمت «الكلام كالدواء.. إذا أنقصت منه نفع وإن أكثرت منه قتل».

وليم هنريت عبر عن الصمت بقوله «الصمت فن عظيم من فنون الكلام»، رب الصمت أروع من الكلام، ويقول الشاعر الشعبي مفرح الضمني -يرحمه الله:

«كثر الحكي يمرض قلوبٍ سليمه.. والصمت حكمة للرجال الحكيمين»، وابن المقفع يقول في الأدب الصغير عن تمام حسن الكلام: «لا يتم حسن الكلام إلا بحسن العمل، كالمريض الذي قد علم دواء نفسه فإذا هو لم يتداوا لم يغنه علمه».

هناك من يبدو سخيفاً في كلامه، يضحك دون سبب، وعندما تتمعن في قوله تجده غير مضحك، لا ينصت ويستمع لمحدثه، ولا يتكلم فيحسن الكلام ليصغي له سامعه، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قلت قيمته، والأجدر بالمتكلم ألا يقول ما لا يعلم؛ لأن رأس الذنوب الكذب.

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أنا زعيمٌ ببَيْتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لِمَن ترَك المِراءَ وإنْ كان مُحِقًّا، وببَيْتٍ في وسَطِ الجنَّةِ لِمَن ترَك الكذِبَ وإنْ كان مازحًا، وببَيْتٍ في أعلى الجنَّةِ لِمَن حَسُنَ خُلُقُه»..

جعلني الله وإياكم ممن حسن خلقه وقبل عمله.

أغلب مجالسنا لا يستفاد منها، كثر فيها الكلام والجدل بدون فائدة تذكر.. وهناك من يعتبر نفسه " ما أحد قده في كل شيء" ، بل يعتبر نفسه موسوعة علمية واجتماعية وسياسية وفنية ورياضية رغم أن معظم معلوماته خاطئة، لا ينضب فكره، ولا يتعب لسانه من كثرة الكلام.

والثرثرة داء ومرض خطير يصيب الكثير من الناس رجالا أو نساءً على السواء.

في الثرثرة خروج عن الحد المسموح به من الكلام، وعن ضوابطه كذلك، وهي تصيب الكثير من الناس، لدرجة أن هؤلاء لا يستطيعون العيش من دون كثرة الكلام، ولا يعطون المجال لأحد إذا حضروا في مجلس أو في محفل، وسيدنا وحبيبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا تحدث أحدكم فليقل خيرا أو ليصمت»، وهذا دليل على خطورة الكلام غير المنضبط، وعلى التريث وضرورة حفظ اللسان؛ لأن الكثير من المشاكل تنجم عن عدم ضبط اللسان، ولسانك حصانك إن صنته صانك، وإن هنته هانك كما يقال.. وفقني الله وإياكم لما فيه الخير والسداد.