العمل الحر هو حلم كل إنسان تقريبًا، فالإنسان بطبعه لا يتعايش بسعادة مع فكرة تلقي الأوامر من مدير أعلى منه، وإن تعايش مع ذلك الأمر فإنما يكون مجبرًا في كثير من الحالات، لذا فالعمل الحر طوق نجاة للكثيرين لينطلقوا في الحياة بإبداعاتهم التي يمنعهم من إطلاقها مقاصل القرارات الإدارية في الشركات التي يعملون فيها، وكلمة السر الكبرى في سيكولوجية العمل الحر هي «الإرادة»، فإذا توافرت الإرادة في رائد الأعمال، فكل ما سيأتي بعد ذلك لن يعدو أن يكون ضربا من ضروب مشاكسات الحياة المعتادة، التي لن تشكل عوائق كبيرة أمام نجاحه على المستوى النفسي.

إذن عندما نتحدث عن سيكولوجية العمل الحر فإننا ودون شك نتحدث عن تركيبة شخصية ذلك البطل الذي أعلن تحديه للمألوف، وقرر ألا يشبه الآخرين، وآثر أن يسلك درب المخاطر والتجارب، وأن يعيش حياة المغامر الهُمام على أن يكون جزءا من منظومة التوظيف التي لا تناسب طموحاته وأهدافه في الحياة.

وهذا البطل الحقيقي يجب أن يمتلك سيكولوجية معينة لا يمكن من دونها أن ينتصر في واحدة من أكبر معارك الحياة، وهي معركة الانتقال من منفذ قرارات إلى صاحب قرارات، ورائد الأعمال إذن يجب أن يمثل سيكولوجية الإرادة في أعلى مستوياتها، ويجب أن تكون إرادته أصلب من الفولاذ، وعليه أن يكون مؤمنا إيمانا عميقا أنه أمام معركة وجودية، وتحدي حياة أو موت بمعانيهما المجازية، وأن فشله سيعني عودته إلى مقعده القديم الذي لم يكن راضيا عنه، ولم يحبه، ولكن هذه المرة قد تكون عودة لن تقوم له بعدها قائمة.

ورائد الأعمال المقبل على النجاح هو ذلك الإنسان قبل أن يكون مشروع رجل الأعمال، هو ذلك الإنسان الذي لمجتمعه من مشروعه نصيب، فلا أخلاق في مشروع أعمال أو مشروع ريادي لا يقدم جزءًا للمجتمع دون مقابل، فالتجارة الحقيقية هي أولاً التجارة مع الذي يرزقك جل جلاله، ثم مع الناس في مجتمعك، وهذا عنصر نفسي مهم جدا يدفع في أغلب الحالات باتجاه النجاح، وهو أنك كرائد أعمال تبني شركتك، ونصب عينيك هدف سام خيري، قررت أنك ستنفذه من اللحظات الأولى لنجاح مشروعك، فأنت إذن أصبحت تمتلك حافزين، الحافز المجتمعي والحافز الشخصي.

سيكولوجية ريادة الأعمال مهمة جدا، وتستحق أن يدرسها كل شاب أو فتاة مقبلان على الدخول إلى معترك ريادة الأعمال الممتع.

ولكن على كل رائد أو رائدة أعمال تذكر أن ريادة الأعمال إذا كانت واجبا يوميا نستيقظ في الصباح لنؤديه ففي الأغلب لن ننجح، ولكن ينجح في ريادة الأعمال أولئك الذين يعتبرون عمليات التشغيل اليومية أقرب إلى النزهة والمتعة، وممارسة هواية قتل الصعاب والقضاء عليها، والاستمتاع بالنتيجة.