يلجأ الناس إلى المختصين في وسائل التواصل الاجتماعي للسؤال عما يعرض لهم في حياتهم اليومية من مشاكل وهذا من حسنات التقنية.

من ضمن الأسئلة المتكررة الأسئلة المتعلقة بمجال الطب البديل مثل التداوي بالأعشاب أو الممارسات العلاجية مثل الحجامة أو جلسات التأمل وغيرها. هذا بحد ذاته ليس مشكلة، بل على العكس دليل وعي المجتمع بأهمية الاستشارة في النواحي التي تمس صحتهم.

المشكلة تظهر في طريقة تعامل بعض الأطباء مع هذه التساؤلات المشروعة والسائلين عنها.فتجد الرد يأتي سريعاً بالنفي لأي فائدة أو دور للطب البديل في علاج أو تحسين المرض ويتم تعليل ذلك بعدم وجود دليل علمي يثبت فائدتها، بل وأبعد من ذلك قد يتم وصف مستخدميها بالدجل ونشر الخرافة والتخلف!

لا شك أن هذا المجال فيه الكثير من الدخلاء والمحتالين الذين يستغلون حاجة الناس وآلامهم لكسب المال مقابل بيع الوهم باسم الطب البديل وهذا يحدث في كل مجال ولا يصح التعامل معه بإلغائه تماماً وإنما بإخضاعه لمشرط العلم.

ولكن سؤالنا في هذا المقال هو: هل منهج بعض هؤلاء الأطباء الكرام في الرفض هو منهج علمي فعلاً كما يقولون؟ سأجيب على ذلك في النقاط السريعة التالية.

1- بعض الردود صادرة عن موقف مُسبق ومتحيز ضد هذه الممارسات وهذا يخالف المنهج العلمي الذي يُحتم التجرد من أي أحكام مسبقة عند فحص الفرضيات.

2- يتخوف البعض من أن يوصف بأنه غير علمي ومتخلف لأنه ينصح أو يُقر بفوائد هذه الممارسات العلاجية.

3- بعض الممارسات العلاجية لها نصوص دينية تستند إليها مثل الحجامة لذلك يخشى البعض من أن يوصف بالخلط بين الدليل الديني والعلمي وهما منفصلان تماماً بحسب التعريف الغربي للعلوم.

4- قول عدم وجود الدليل يحتاج إلى تفصيل. هل المقصود هو أنه بحث ولم يجد دليلاً؟ وأين بحث؟ هل شمل بحثه جميع قنوات النشر العلمي المعتبرة أم فقط البحث في مُحرك ببميد؟ (Pubmed)

5- لو سلمنا بعدم وجود دليل فهناك سؤال علمي مهم آخر: هل عدم وجود الدليل كافٍ للنفي أو بعبارة منطقية هل عدم وجود الدليل هو دليل على عدم الوجود؟

الإجابة لا، فقد يكون السبب ببساطة هو أن هذه الممارسات لم يتم إخضاعها لتجربة العلمية (الإمبيريقية).

6- النفي هو معرفة وخبر مثله مثل الإثبات ويحتاج بدوره إلى دليل. فعلى أي أساس تم النفي.

7- هناك فرق كبير بين كلمة (لا يوجد دليل يدعم فائدة العشبة أ في علاج المرض ب) وبين (لا تفيد العشبة أ في علاج المرض ب).

8-العلم منهج محايد بين النفي والإثبات إلى أن يتوفر الدليل القائم على أساس التجربة العلمية ولا يجدر بنا أن نجعل منه أداة لنفي ما نريد أو إثباته بدون العمل بمقتضياته فنحرم الناس من فوائد كثيرة لبعض وسائل التداوي دون مبرر.