لله در الأحداث، كالشمس تفضح غرابيل الإعلام المضلل والمسيس، الإعلام المأجور الذي يحاول بشتى الطرق حجب مكانة الدولةالسعودية، وأهميتها عالمياً، وما تملكه من إمكانيات (دينية - سياسية - اقتصادية - جغرافية)، وثقل يُمكِنها من فرض بصمتها وحضورها، بل وفرض مصالحها في أي مكان بالعالم، ودليل ذلك ما يجري الآن في الحرب الروسية الأوكرانية وتبعاتها العسكرية والاقتصادية، والتي قد تجر على هذا الكوكب وساكنيه الخراب.

ولو نظرنا بعين المتفحص المنصف لرأينا، ومنذ بداية الأزمة، كيف أن الحكومة السعودية اتخذت لنفسها موقع الحياد حيال طرفي الحرب، ولكن ذلك لم يستمر طويلا، فبعد عدة أيام من اشتعال شرارة الحرب أعلنت السعودية بيانها، وطالبت فيه الأطراف بضبط النفس واللجوء للحل السلمي، ثمَ تركت المجال لغيرها من الدول الكبرى والصغرى بالعمل على التدخل والوساطة، وإدعاء القيام بدور الوسيط، بل إن بعض الدول أرسلت رؤساءها أو وزراء خارجيتها للظهور بدور البطولة، في استعراض أكبر من حجمهم وقدراتهم، إلا أن جميع محاولاتهم بَاءت بالفشل، فنار الحرب مازالت مستعرة!،وذلك للكثير من الأسباب، أولها أن الأطراف المشاركة (بشكل مباشر أو غير مباشر) بالحرب هي أقوى وأعظم دول العالم، ولها إمكانيات ومتطلبات ومصالح لا تستطيع الدول الصغرى أو الدول التي تعتبر نفسها من الدول الكبرى إقليميا، ضمانها أو التوفيق بينها على مائدة المفاوضات، فضلا عن أن تضغط على أي طرف لتقديم بعض التنازلات المهمة لوقف الحرب.

وهذا كله يوصلنا إلى الحقيقة التي أُرِيدَ لها أن تُحجب من ذي البداية.. ألا وهي.. أن دولا قليلة جدا اليوم هي من تستطيع القيام بهذا الدور، وفي هذه الأزمة بالذات، دولتان فقط قادرتان على الدخول بثقلهما للوساطة، بل وتملكان أدوات الضغط والتأثير على جميع الأطراف.. هاتان الدولتان هما فقط (السعودية والصين ).

كم هائل من الاتصالات والزيارات تدور في فلك الدبلوماسية السعودية هذه الأيام، وذلك ليس إلا اعترافاً بالدور السعودي الكبير في القضايا العالمية بثقلها كدولة تأسست مستقلة، ومن الدول المؤسسة لهيئة الأمم المتحدة، وكدولة تعتبر من أكبر عشرين دولة على مستوى اقتصاديات العالم، وتعتبر أكبر منتج للنفط، وثاني أكبر مخزون نفط بالعالم، كما أنها ثامن منتج للغاز، ورابع أكبر مخزون للغاز في العالم الآن، مع توقعات بأن تصبح ثالث منتج عالمي للغاز في غضون ستة أعوام، وكدولة عربية وإسلامية كبرى تمتلك مفاتيح كثيرة، ناهيك عن مكانتها ونفوذها عند الكثير من الدول..

ولهذا استحقت الجلوس مع الكبار، بل استحقت أن تُجلس الكبار على طاولة المفاوضات، وتديرها بطلب ورضى منهم، هذا الدور الحساس في هذا الوقت الحاسم لا يتقنه إلا دولة بكبر ومزايا المملكة العربية السعودية.

وأخيراً.. هل يكون حل هذه الأزمة في الرياض، كما حدث في أزمات دولية سابقة لتبرز.. عبارة (الحل في الرياض) مجدداً؟