نشرت صحيفة «الوطن» مقالا تحت عنوان (عن جواز أو عدم جواز نقل مقام إبراهيم)، تحدث فيه كاتبه عن مشروعية نقل مقام إبراهيم عليه السلام للتسهيل على الحجاج والمعتمرين أثناء الطواف، وتخفيف الزحام بتلك المنطقة التي فيها المقام، وتحدث عن عدد من الآراء حول جواز نقله من عدمه، فمن مؤيد ومن معارض من العلماء رحمهم الله، وكل أدلى برأيه وحجته ودليله وسواء أكان المقصود من كلمة مقام نفس المقام أو مختلف شعائر الحج أو مكة بحجمها.

ولا شك أن للمقام مكانته لدى مختلف المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأن الصلاة أمامه هو سنة متبعة ومنصوص عليها بكتاب الله، قال سبحانه (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)، ولو عمقنا التفكير في كلمة مقام لانحصرت على المقام نفسه ويمثله الحجر بداخل ذلك الحيز والمطبوع أو المنحوت عليه موطئ قدم إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، ولكن هناك قاعدة فقهية تقول (إن الضرورات تبيح المحذورات) فمثلا: أن الوصول إلى حد الهلاك أو مقاربته إذا لم يكن للخلوص منه إلا طريق تناول المحرم شرعًا فإنه يرخص في تناوله (وحسب ما قرأت أن من أجاز نقله معتبرًا أن المقام سبب الزحام في تلك المنطقة وأن إزاحته عن مكانه أو إبعاده ضرورة، وأنا أقول وإن لم أكن عالما ولكني مطلع وقارئ ومستمع ومفكر أرى أن يبقى المقام في مكانه هذا، ولكني أرى أن يستبدل السياج المقام حول المقام بسياج آخر وبطريقة تجعل المرور من جوار المقام سهلا وخفيفا وقد لا يشعر به الطائفون، ويتمثل بإقامة سياج على هيئة مثلث منفرج الزاوية وذي ساقين متساويتين وساقه الثالثة بطول الساقين الأخريين ومواجه للكعبة المشرفة؛ ويثبت التقاء كل ضلعين بالزاوية (بماصورة فولاذية) تتحمل الثقل وتربط الزاوية المنفرجة بالضلع المقابل لها بعارض؛ وألا تكون تلك الزاوية من الخارج حادة ناهيك عن منع الصلاة بجواره أو قريبًا منه ساعات ترتفع ذروة الطائفين كما هو الحال.

وإضافة إلى هذا أرى أن نطبق المثل القائل (رب ضارة نافعة) أعني أن إصابة العالم بفيروس كورونا-19 ونحن جزء منهم دفعنا إلى إيجاد عملية جيدة لتخفيف الزحام؛ تتمثل بتفويج الحجاج والمعتمرين حتى لا يكتظ الحرم بالناس بساعة واحدة على أن (نستغل الزمن والوقت وتحديد العدد) حتى يتلاشى الزحام بتلك المنطقة. ولقد كسبنا من التمسك بالاحترازات من هذا الفيروس خططا أعظم من ممتازة وأكثر من مفيدة وأنجز من طريقة، وبهاتين الطريقتين أجزم أن الزحام من جوار المقام سيتلاشى، وقد لا يحس الطائفون بوجود المقام كعائق لهم خاصة فيما بين المقام والكعبة المشرفة، ولا شك بل وبكل تأكيد فإن تحريكه من مكانه لو حصل سيثير اللغط وربما النقد أو عدم الرضى بين الكثير من العلماء، وحتى من العامة من المسلمين على اختلاف مذاهبهم. وبالله التوفيق ومنه السداد.