يتخذ الكثيرون من الناس الصيام عذرًا لتوترهم أو زيادة عصبيتهم! بينما الصيام بريء من ذلك، فالصيام يهذب النفس ويقوي الإرادة.

تزداد المشاجرات في نهار رمضان وتكون في أوجها في فترة ما قبل الإفطار، لماذا! هل بالفعل هناك علاقة ما بين الصيام والتوتر!

هناك دراسات علمية عديدة تحدثت عن أثر الصيام في الصحة العامة، صحة القلب، صحة الجهاز الهضمي، والكليتين ومعدل الدهون وسكر الدم، وكل هذه الدراسات أثبتت التأثير الإيجابي للصيام، ولكن الدراسات التي تربط الصيام بالصحة النفسية لم تكن بذات الكثرة أو بهذا الانتشار، وربما هذا هو السبب في أن يعتقد البعض بالفعل أن الصيام من الممكن أن يؤثر على الحالة المزاجية بشكل سلبي ليكرر طوال الوقت (اللهم إني صائم) تحذيرًا للآخرين من ثورة توشك أن تحدث.

هناك إحصائيات من بعض البلدان العربية تُشير إلى ارتفاع معدل المشاجرات في شهر رمضان بالذات في فترة ما قبل الإفطار وبعضها تتطور لتكون جناية، رغم أن رمضان هو شهر روحانية وسكينة لدى معظم المسلمين، فلماذا يحدث ذلك؟

الصيام من العوامل المساعدة على إفراز هرمون الاندروفين والذي تفرزه الغدة النخامية ويعمل كمهدئ عصبي بشكل عام، كما يعمل على تخفيف الآلام والشعور بالراحة، والصيام أيضًا يقلل من إفراز الكورتيزون والمعروف عنه أنه هرمون التوتر، وكذلك يزداد إفراز هرمون الدوبامين وهو هرمون آخر للسعادة.

نُشرت أوراق علمية عديدة من جامعات في بلدان إسلامية، تُثبت أن الصيام في شهر رمضان فعال في تقليل مستويات التوتر والقلق والاكتئاب، نتيجة التغيرات الهرمونية التي تحدث مع الصيام، حتى صفاء الذهن ومعدل الأداء يكون أفضل مع الصيام، فالامتناع عن الطعام والشراب يقلل تدفق الدم المحمل بالأكسجين إلى الجهاز الهضمي مما يزيد من معدل تدفقه للدماغ محملاً بالأكسجين، وهذا يزيد من مستوى التركيز وقوة الذاكرة.

ولكن لماذا نرى وجهًا آخر، وواقعًا مخالفًا! ولدينا مفهوم مختلف!

يظن البعض أنّ الصيام يزيد من التوتر ويقلل من قدراتهم الذهنية، ويعتقدون أنه لا يصح أن تكون هناك مدارس أو دراسة أثناء شهر الصيام! إذا آمنا بأن خلو المعدة من الطعام والشراب يزيد من فرص تدفق الدماء المحمل بالأوكسجين في الدماغ، فهذا سيجعلنا أكثر إيمانًا بأن الصيام لا يتعارض مع الدراسة والفهم والتفوق.

وإذا عرفنا أن هرمونات السعادة يحفزها الصيام، فعلينا أن نبحث عن سبب آخر لتوتر البعض إذا ما صاموا، بالفعل من الممكن أن يحدث ذلك أثناء الصيام إذا كان الصائم من المدخنين، وهذه هي الفئة الأكبر التي تشتكي من التوتر وزيادة العصبية أثناء ساعات الصيام، فانخفاض النيكوتين فجأة في الدم يسبب أعراض انسحابية، لذلك ربما من المفيد أن يحاول المدخن أن يقلل من التدخين قبل رمضان، ويصبح رمضان فرصة جيدة للإقلاع عنه دون أعراض مؤذية، الشيء ذاته يحدث لدى مدمني القهوة والشاي لنقص مستوى الكافيين.

قلة شرب الماء من مسببات التوتر العصبي، لأن الماء مهم لعمل الدماغ، لذلك يجب شرب كميات جيدة أثناء ساعات الإفطار، ولأن الدماغ يتغذى على الجلوكوز، فمن المهم تأخير السحور للحفاظ على مستوى طبيعي للسكر أثناء ساعات الصيام، كذلك عدم الإكثار من السكريات والحلويات حتى لا يحدث هبوط في السكر كرد انفعالي نتيجة إفراز كمية كبيرة من الإنسولين للتعامل مع هذه الكمية من السكريات، ينبغي تناول الأغذية ذات المؤشرات السكرية المنخفضة كالألياف والخضروات والبقوليات واتباع نظام غذائي صحي، عصبيتك ليس لها علاقة بالصيام، إنما هي نتيجة أسلوب حياة خاطئ عليك أن تغيره لتسعد، وكل عام وأنتم بخير.