بيتر تابيشي هو أستاذ الرياضيات والفيزياء بمدرسة «كيريكو الثانوية» في قرية بواني الكينية، هذا المعلم كان سيظل نكرةً في ذاكرة التاريخ لولا أنه فكر في مهنة التدريس بطريقة مختلفة أدخلته التاريخ من أوسع أبوابه، فما هي قصته؟.

نال بيتر عام 2019 جائزة أفضل معلم في العالم، وهو يدرِّس في مدرسة نائية بوادي ريفت بكينيا. قيمة الجائزة مليون دولار، وتمنح لواحد من المعلمين الاستثنائيين الذي قدموا إسهامات هامة لمهنتهم خلال حياتهم المهنية، وفي الوقت نفسه، تسلط - الجائزة - الضوء على الدور الكبير الذي يؤديه المعلمون للمجتمع.

والسؤال الذي يتبادر إلى أذهان الجميع، ما هو العمل الذي تميز به بيتر عن أقرانه في أنحاء العالم ليحصل على هذه الجائزة المرموقة؟.

الإجابة هي أن بيتر نظر إلى مهنة التدريس نظرة مختلفة، ركزت بشكل أساسي على نواتج التعلم، وتخطيط العمليات للحصول على نواتج مختلفة تماماً عن النواتج التي يسعى لها أغلب المعلمين حول العالم.

بيتر نفذ توصية ألبرت آينشتاين الشهيرة حين قال: «إن من الحماقة أن تعتقد أنك ستحصل على نتائج مختلفة وأنت تكرر الشيء نفسه»، ومن هنا بدأ بيتر العمل بطريقة مختلفة تماماً مع طلاب منحدرين من أصول عرقية متنوعة الثقافات والأديان، ويدرسون في فصول دراسية سيئة التجهيز، ولا تملك المدرسة سوى جهاز كمبيوتر واحد فقط، وشبكة إنترنت سيئة الاتصال، حيث صمم إستراتيجيات تدريسية تعتبر الطلاب رأس مال بشري يتميز بقدرات ومهارات وإبداعات تمكنهم من تحقيق أعلى معدلات الإنجاز، وافتتح نادياً لتنمية مواهب الطلبة، وساعدهم في تصميم مشاريع عالية الجودة، تأهل منها %60 للمشاركة في المسابقات الوطنية، كما وفر بيتر وأربعة من زملائه تعليماً منخفض التكلفة للطلاب في مواد الرياضيات والعلوم خارج الفصل الدراسي وفي عطلات نهاية الأسبوع، حيث يزورون منازل الطلاب ويلتقون بعائلاتهم لبحث التحديات التي تواجههم، كما تبرع بنحو 80% من دخله الشهري لمساعدة الفقراء، وكانت النتيجة تأهل طلابه خلال معرض العلوم والهندسة في كينيا عام 2018، حيث عرضوا جهازاً اخترعوه، يتيح للصم والمكفوفين إمكانية قياس الأشياء، ما أسهم في تفوق مدرسته على باقي المدارس العامة في كينيا لتحل في المركز الأول، كما تأهل فريق الرياضيات التابع لها للمشاركة في معرض INTEL الدولي للعلوم والهندسة عام 2019 في أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية، كما فاز طلابه بجائزة من الجمعية الملكية للكيمياء بعد تسخيرهم الحياة النباتية المحلية لتوليد الكهرباء.

يقول بيتر لإحدى المجلات بعد فوزه: «أشعر بسعادة كبيرة لحصولي على هذه الجائزة المرموقة، لم أتوقع هذا أبداً، إنها مفاجأة لي، وشرف لإفريقيا ولبلادي ولمهنة التدريس»، وتابع أنه ينحدر من عائلة تعمل بأكملها في التعليم، واصفا مهنة التدريس بالمقدسة، «واليوم أُكافأ على كل المجهودات التي قمت بها، ولا شك أن هذه الجائزة تمنح طلابي فرصة ثمينة ليثبتوا للعالم ما يمتلكونه من إمكانات وقدرة على تحقيق المستحيل».

بيتر تابيشي مثال حي على التطبيق العملي لإدارة النواتج، والعمل بطريقة مختلفة عندما يأمل في تحقيق نتائج مختلفة، لأن المشكلة الرئيسة في تحقيق النتائج المميزة أننا نعمل بالطريقة نفسها ونتوقع نتائج مختلفة.