هل أنت عازف عن متابعة مشاهير السوشيال ميديا ؟ هل أنت عزيزي القارئ شخص يكرر عند الحديث عنهم عبارة (ما أعرفهم بسلامتهم)؟ أو هل تعتقد أنك نخبوي بما يكفي لتترفع عن العشوائية في المحتوى لدى بعض نجوم التواصل الاجتماعي؟

كل هذه أصبحت أوهاما من الماضي فقد تم توظيف فنان لخدمة كل مشهور، مهمة هذا (الفنان) هي إدخال هذا المشهور إلى بيتك شئت أم أبيت. والوعد سباق رمضان التلفزيوني.

لا يهم محتوى هذا المشهور ولا القيم التي يمثلها، فسوف يعاد محتواه عليك بالنص والحركة، ولن تفلت هذه المرة.

لا شك بأن لدينا أزمة نص، ولكن هل هذا مبرر كاف لنأخذ السيناريو كاملًا كما كتبه المشهور، ويقوم الفنان بتكرار نسخة مقلدة على الشاشة كما أداه المشهور على تطبيقات التواصل، دون أي تطوير أو إعادة توجيه للشخصية؟

أليس مؤسفًا أن تكون أعمالنا الفنية بهذه الضحالة وسط هذا السباق السنوي الفني الكبير؟

أليس لدينا أفكار فنية متفردة حتى لو كانت بغرض الترفيه!، بل إن الترفيه في العالم كله هو أفضل قالب لتمرير الرسائل السياسية والفكرية والاجتماعية، ومعروف أن الأعمال الفنية والفلسفية الساخرة على مدى التاريخ، كانت هي الأكثر تأثيرا في الناس إذ أنها تحمل جواز انتشارها فقط لكونها ساخرة. فهل يعي المخرجون والفنانون و(الكتاب) لدينا هذه الأبعاد؟

كما أنني - بالمناسبة- لست ضد المشاهير المؤثرين في السوشيال ميديا، هم نتاج مرحلة يمر بها العالم، يستثمر انتشارهم في الإعلانات التجارية، و الأذكياء المثقفون منهم قد يكونون واجهة جميلة لمجتمعاتهم وثقافتهم.

بل إنني أدعو المنتجين لاستقطابهم في المواسم القادمة كنسخ أصلية عن أنفسهم ليعيدوا علينا ما فاتنا!

هنا أتحدث عن الفنان السعودي الذي يفترض أنه سيكون جزءا من تاريخنا الثقافي، ولكن تاريخ الفنان لا يصنع بمجرد الظهور على الشاشة، بل بما ينقشه الفنان في عقول وجدان الناس من خلال حضوره وأدائه واحترامه لمن يشاهده.

هكذا هو الفن، قيمة عليا، فنراه يخلد المخلصين له ويلفظ المتكسبين.

نعلم أن هناك ملايين تصرف على الإنتاج الفني في السعودية وحيث إن الفن هو احد أهم أشكال القوى الناعمة، وأحد عوامل التواصل الثقافي والجذب الاقتصادي، فإننا بحاجة ماسة لتوجيه الجهود والأموال إلى مكانها الصحيح.

لدينا العقول والكتاب والمجتمع المتنوع والتاريخ الثري، لدينا كل المصادر والموارد لتقديم فن راق يترك بصمته في الذاكرة الإنسانية، علينا فقط أن نخرج من مساحة إثبات الحضور لقد أطلنا البقاء فيها وحان الوقت للمنافسة الجادة، وبناء المدارس الفنية، وتخريج فنانين ذوي خبرات مصقولة حتى التوهج.