سمعنا وقرأنا عن معركة «الفيمتو» و«السمبوسة»، وفي قول آخر «السمبوسك»، ما بين من يجيزها ومن يؤثمها، فهناك من يجيزها على المطلق، ومن يضع لها حدودا وشروطا، وثالث يحرمها على المطلق.

«الفيمتو» و«السمبوسة» من مكونات السفرة الرمضانية في معظم البلدان العربية، على الرغم من أن «الفيمتو» إنتاج بلاد الفرنجة!، فمصنعه نشأ في مانشستر ببريطانيا منذ زمن بعيد، وكان مسجلا في البداية كعقار طبي ومنشط صحي، بعد ذلك تغير تصنيفه لمشروب غير كحولي، ودخل بلاد العرب من أوسع الأبواب كمشروب بهجة ومناسبات، وارتبط برمضان، حيث تزداد مبيعاته في هذا الشهر الفضيل. حقيقة سألت نفسي: لماذا رمضان؟!.

ربما لأنه غني بالسكر، فيظن البعض أنه سيعوض السكر الذي انخفض في أثناء ساعات الصيام. وجهة نظر علينا أن نأخذها بعين الاعتبار، ولكن كما يقول المثل «اللي يجي بسرعة يروح بسرعة»، فالشىء نفسه بالنسبة للسكريات، حيث إن الكم الكبير من السكريات يزيد من إفراز الإنسولين، فينخفض مستوى سكر الدم، أو ما نسميه «انخفاض سكر الدم التفاعلي»، بينما الاستمرارية في إفراز كميات كبيرة من الإنسولين تُجهد البنكرياس، ومع الأيام يصبح هناك نقص في الإنسولين، ويحدث مرض السكري. وإذا لم يحدث هذا أو ذاك، فالسكريات الزائدة تتحول إلى دهون، وتتراكم في الجسم.

«الفيمتو» ربما يراه البعض يروي العطش بعد يوم طويل من الصيام، ربما، ولكن الماء أكثر صحة، وهنا تأتي فكرة البديل الأكثر نفعا كالماء، وهو الأفضل على الإطلاق، ومن الممكن شرب التمر الهندي وعصير قمر الدين.

وعلى الرغم من وجود بعض السكريات فيهما، لكنهما خيار أفضل. منذ سنوات تمت محاكمة الشركة المنتجة لـ«الفيمتو» بتهمة التضليل، حيث كان الملصق يقول إنّ المشروب يحتوي على فيتامين «سي»، وهذا ما لم يُثبته فحص المشروب، وتم التصحيح بعد ذلك. «الفيمتو» طعمه لذيذ، وربما يجد البعض صعوبة في مقاومته، ولكن لو وضعناه في ميزان الصحة ربما غيرنا رأينا، وكنّا أكثر اعتدالا، وعلينا أن نعرف أن صحة الصيام لا علاقة لها بـ«الفيمتو».

السمبوسة سيدة المائدة الرمضانية بعد الشوربة، واختلف في أصلها، حيث قيل إنه عربي، وآخرون قالوا إنها أكلة تركية، ولكن أجمعت روايات عديدة على أن أصولها هندية، وذُكر ذلك في كتاب للرحالة ابن بطوطة، حيث انتشرت ودخلت البلاد العربية في أثناء هجرات المسلمين، وخلال مواسم الحج انتقلت للحجاز.

«السمبوسة» نوع من المعجنات، وتختلف حشوتها حسب الرغبة، وطريقة تحضيرها تحدد ضررها من نفعها، لكن لا يمكن تخيل السفرة الرمضانية دون «السمبوسة»، والأطباء عادة لا يطلبون من مرضاهم عدم تناولها، ولكن يقننون كميتها، ويحددون كيفيتها، مثلا «السمبوسة» التي تُحضر في الفرن صحية أكثر من تلك التي تُحضر بالزيت، والقلي الهوائي أفضل من القلي التقليدي، والسمبوسة المحشوة بالخضار أفضل من تلك المحشوة باللحم، لأنها غنية بالألياف وقليلة الدهن، لكن تظل كلها معجنات مطلوبا فيها الاعتدال.

الأكل الرمضاني عادة يتوارثه الأبناء، لكن زيادة الوعي الغذائي من المفترض أن تعدل هذا الموروث. تستطيع أن تأكل وأن تشرب ما ترغب، ولكن كل شيء زنه بميزان الصحة. ضع له معايير لا تتجاوزها، ولتكن لدينا قاعدة نطبقها على غذائنا «اترك ما لا ينفعك إلى ما ينفعك، وتجنب ما ضرره أقرب من نفعه»، ودمتم بصحة.