«يا ليلة العيد أنستينا، وجددتي الأمل فينا يا ليلة العيد».

كلمات غنتها أم كلثوم عام 1944 في حفل النادي الأهلي، منذ نحو 80 عامًا، وكان يحضرها الملك فاروق، وحولتها كوكب الشرق بذكائها لتبدو كأنها كتبت خصيصًا له، لكنها انسلخت عن تلك المناسبة لتصبح أشهر الأغنيات التي تأتي مفعمة بالبهجة الكبرى في ليلة العيد، حتى أصبحت أيقونة له، فمع اقتراب الشهر الفضيل، يستذكر الجميع عبدالمطلب مهللًا «رمضان جانا»، ومع مضي أيامه يجد صوت شريفة فاضل مودعًا «تم البدر بدري»، ثم بلمح البصر يدندن بسعادة مع صوت أم كلثوم «يا ليلة العيد أنستينا، وجددتي الأمل فينا يا ليلة العيد».

ما لا يعرفه كثيرون أن أم كلثوم كانت ذاهبة إلى الإذاعة ليلة عيد الأضحى لغناء أغنية «طاب النسيم العليل»، وقبل دخولها لمبنى الإذاعة، سمعت أحد البائعين المتجولين ينادي على بضاعته ويقول «يا ليلة العيد آنستينا». وفي هذا اليوم وجدت الشاعر بيرم التونسي، وطلبت منه كتابة أغنية يكون مطلعها ما تغنى به البائع المتجول.

شاعران لأغنية

بدأ بيرم الكتابة، لكن الشاعر الكبير شعر بالتعب أثناء الكتابة فغادر الإذاعة، وجاء بعده «أحمد رامي»، إذ كان قادمًا لتهنئة أم كلثوم بالعيد لتقول له «جيت في وقتك»، ليكمل رامي كتابة الأغنية ويلحنها رياض السنباطي وتحفظها أم كلثوم، وتتم إذاعتها ليلة عيد الأضحى عام 1937 كأغنية ضمن مجموعة أغانٍ أدتها في فيلمها «دنانير». وغنتها ثانية عام 1944 في ملعب النادي الأهلي بالقاهرة، وكانت المفاجأة عندما حضر الملك فاروق الحفل، فشدت أم كلثوم بليلة العيد بل وارتجلت سريعًا بذكائها الفذ، لتبدل بعض كلمات الأغنية مجاملة للملك الذي حضر ليسمع صوتها خصيصًا، فقالت «يا نيلنا مايتك سكر وزرعك في الغيطان نور.. يعيش فاروق ويتهنى ونحيي له ليالي العيد»، فأنعم عليها الملك فاروق بـ«نيشان الكمال»، ليصبح لقبها «صاحبة العصمة»، وتخرج مانشيتات الصحف وقتها مهللة «الأغنية التي منحت الست لقب صاحبة العصمة».

كانت مدة طقطوقة «يا ليلة العيد» 4 دقائق فقط لكونها أغنية فيلم دنانير، إلا أن أم كلثوم غنتها بحضور الملك في 38 دقيقة و16 ثانية كاملة.

سعادة فاروق

أمتعت أم كلثوم الحاضرين، وغيرت بداية الطقطوقة لـ«هلالك هل بعنينا بدلا من هلالك هل لعنينا»، وبين مقاطع الأغنية علت الهتافات مدوية للاحتفاء بالملك فاروق، وعندما وصلت للمقطع الأخير غيرت في كلماته قائلة:

«يا نيلنا ميتك سكر وزرعك في الغيطان نور

يعيش فاروق ويتهني ونحيي له ليالي العيد»

وانتقلت بعدها مباشرة من المقطع الأخير من الطقطوقة إلى طقطوقة «حبيبي يسعد أوقاته» وقالت:

«حبيبي يسعد أوقاته ع الجمال سلطان»

وغنت:

«حبيبي زي القمر قبل ظهوره يحسبوا المواعيد

حبيبي زي القمر يبعت نوره من بعيد لبعيد

وكل ما يهل هلاله تتعاد الأعياد

والليلة عيد ع الدنيا سعيد

عز وتمجيد لك يا مليكي»

وبعد انتهائها من الغناء استدعاها الملك فاروق ليصافحها فقبلت يده، فأنعم عليها بـ«نيشان الكمال»، فتقدمت أم كلثوم لتلقي كلمة شكرت فيها الملك فاروق على هذا الإنعام وتغني الوصلة الثالثة أغنية «أنا في انتظارك».

أغنية في فيلم

في فيلم دنانير ثالث أفلام أم كلثوم الذي أخرجه أحمد بدرخان وكتبه الشاعر أحمد رامي وأنتجته شركة أفلام الشرق داخل استوديو مصر من 5 مارس وحتى أغسطس 1940، وعندما جاءت ليلة عيد الفطر المبارك في أحداث الفيلم، أعدت في قصر الخليفة هارون الرشيد ببغداد حفلة ساهرة، قام الوزير جعفر بتقديم دنانير (أم كلثوم) لتغني أمام الرشيد طقطوقة أو أنشودة يا ليلة العيد.

وأذيعت الأغنية سنوات طويلة دون ذكر المقطع الأخير، وأن ما يتم إذاعته منها حاليًا هو المقطع المُسجل في فيلم «دنانير»، لتبقى الأغنية مرتبطة بليلة العيد حتى الآن، وغناها كبار المطربين.

يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا يا ليلة العيد

يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا يا ليلة العيد

هلالك هل لعينينا فرحنا له وغنينا

وقلنا السعد حيجينا على قدومك يا ليلة العيد

جمعت الأنس على الخلان ودار الكاس على الندمان

جمعت الأنس على الخلان ودار الكاس على الندمان

وغنى الطير على الأغصان

يحيي الفجر ليلة العيد

حبيبي مركبة تجري وروحي في النسيم تسري

حبيبي مركبة تجري وروحي في النسيم تسري

قولوا له يا جميل بدري حرام النوم في ليلة العيد

يا نور العين يا غالي يا شاغل مهجتي وبالي

تعال اعطف على حالي وهني القلب بليلة العيد