حينما أسقط "هولاكو" الخلافة العباسية، ترك بغداد خمس سنوات كاملة لا حياة فيها أبدا، بل تروي كتب التاريخ أنه أقام خارجها فترة من الزمن تفاديا لرائحة الموتى الذين يملؤون طرقاتها.. كان هولاكو دمويا لا يرحم.. لكن رغم كل هذا التاريخ الدموي الذي جعل منه مضرب مثل في السفح والقتل، يحسب له أنه يرسل للمدن قبل أن يجتاحها.. فإن استسلمت رحمها وعفا عنها، كما فعل مع دمشق.. وإن قاومت، كما فعلت بغداد، ذبح أهلها، وأحالها خرائب ومقبرة كبيرة. ولذلك يظلم الكثير من الناس هولاكو حينما يشبهون "بشار الأسد" به.

بشار السفّاح رجل دموي لم يشهد التاريخ مثيلا له.. أبداً.. أي بشر هذا الذي تقتل قواته النساء وعشرات الأطفال الأبرياء في مذبحة طائفية قذرة؟

في "تويتر" ـ حيث علا صوت الدعاء والاستنكار ـ بعث لي قارئ غاضب يقول بأنه لن يقرأ لي بعد اليوم إن لم أكتب عن المجزرة التي ارتكبتها قوات بشار السفّاح في الحولة! قلت له والله لو كانت كتابة المقالات ستعجل برحيل طاغية الشام لما ترددت لحظة واحدة، ولكتبنا مقالاتنا بدمائنا.. لولا أن الوضع في سورية لم يعد بحاجة للمقالات والقصائد.. بل بحاجة لتدخل دولي وإقليمي جاد وعاجل بعيداً عن لجنة كوفي أنان، فما يحدث اليوم هو إطالة لأمد القتل، ومؤشر واضح سيدفع إلى تفكك بلاد الشام بعد رحيل السفّاح.. هناك خطوات كثيرة أهمها تسليح الجيش الحر عبر أي طريقة.. الحصار الاقتصادي لا ينفع في ظل وجود حكومة إيرانية عميلة في بغداد تمد السفّاح بالسلاح والوقود، وميليشيا عسكرية إيرانية ترتدي عباءة السياسة في جنوب لبنان تمده بالمقاتلين.

نعم الفعاليات الشعبية في المنطقة قد تشكل ضغطا مهما، وتضع الأزمة في دائرة الاهتمام على الدوام.. لكن الخطوة الأهم لا بد أن تكون على الأرض.. لا يمكن ترك هذا الشعب الأعزل في مواجهة سفاح هو الأخطر في التاريخ البشري.