يخشى قادة الناتو أن تكون الحرب الروسية الأوكرانية حربا لا نهاية لها ولا يمكن الانتصار فيها في أوروبا، وأصبحوا يستعدون لهذه المخاوف مع دخول الحرب شهرها الثالث ووجود مؤشرات قليلة على تحقيق نصر عسكري حاسم لأي من الجانبين وعدم وجود حل في الأفق.

ومن تلك المخاوف هو أن تظل أوكرانيا ساحة معركة أوروبية مميتة ومصدرًا لعدم الاستقرار القاري والعالمي لأشهر، أو حتى سنوات، قادمة.

كذلك الطاقة والأمن الغذائي وآثار تغير المناخ الذي يمكن أن يعمق الخسائر في الاقتصاد العالمي. وإذا اختارت روسيا التصعيد، فإن خطر نشوب صراع أوسع سيزداد.

ضخ الأسلحة

وتضخ الولايات المتحدة وحلفاؤها بتدفق مستمر الأسلحة الفتاكة إلى أوكرانيا لإبقائها في المعركة. بينما يقول معظم المحللين إنه يجب أن تستمر في ذلك إذا أرادوا دعم تعهد الرئيس فولودومير زيلينسكي بالفوز، أو على الأقل الاستمرار في مضاهاة أو التغلب على تقدم موسكو.

ومثلما لم يشر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى استعداده لتكثيف الغزو سواء بالتعبئة العامة للقوات أو باستخدام أسلحة غير تقليدية، لم يُظهر أي علامة على التراجع. كما لم يفعل زيلينسكي، الذي يؤكد الآن أن أوكرانيا لن تهزم الغزو الروسي الحالي فحسب، بل ستستعيد السيطرة على شبه جزيرة القرم وغيرها من المناطق التي احتلتها روسيا أو سيطرت عليها منذ عام 2014.

رفض الانسحاب

قال إيان كيلي، الدبلوماسي المخضرم المتقاعد الذي عمل سفيرًا للولايات المتحدة في جورجيا: «من الصعب للغاية أن ترى كيف يمكنك الحصول على حل تفاوضي في هذه المرحلة». وأضاف: «لا يرغب أي من الجانبين في وقف القتال وربما تكون النتيجة الأكثر ترجيحًا هي حرب تستمر عامين. أوكرانيا ستكون متقيحة في وسط أوروبا».

مضيفا: «لا توجد طريقة لتتراجع أوكرانيا».

في الوقت نفسه، قال كيلي إنه بغض النظر عن عدد الحسابات الخاطئة التي قام بها بوتين بشأن قوة وإرادة أوكرانيا للمقاومة أو وحدة حلفاء الناتو وعزمهم، لا يمكن لبوتين قبول الهزيمة أو أي شيء أقل من سيناريو يمكن أن يدعي أنه يمتلكه. و«سيكون انسحاب بوتين انتحارًا سياسيًا».

إضعاف روسيا

وأظهر المسؤولون الأمريكيون، بدءًا من الرئيس جو بايدن، اتفاقا بالإجماع على إضعاف روسيا، حتى بعد أن أثار وزير الدفاع لويد أوستن الدهشة بقوله بعد زيارة إلى كييف الشهر الماضي إن هدف واشنطن ليس فقط مساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها ولكن «إضعاف» روسيا إلى حد كبير. حيث لا تشكل تهديدًا.

وناشد بايدن يوم الإثنين، الكونجرس الموافقة على حزمة 40 مليار دولار من المساعدات العسكرية والإنسانية لأوكرانيا.

فيما وضع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون علاوة على تسوية تفاوضية تحفظ ماء الوجه لكل من روسيا وأوكرانيا.

وقال الإثنين «سيكون لدينا سلام نبنيه غدا، دعونا لا ننسى ذلك أبدا». سيتعين علينا القيام بذلك مع أوكرانيا وروسيا حول الطاولة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس هذا الأسبوع: «استراتيجيتنا هي التأكد من خروج أوكرانيا من هذا المنتصر». أوكرانيا ستفعل ذلك على طاولة المفاوضات.

هدفنا هو تعزيز موقف أوكرانيا على طاولة المفاوضات هذه مع استمرارنا في وضع تكاليف متزايدة على عاتق الاتحاد الروسي.

لكن عدم اليقين الذي ينطوي على مخاطر كبيرة بشأن ما يشكل أوكرانيا «المنتصرة» قد أثار قلق المسؤولين في بعض العواصم الأوروبية، ولا سيما تلك الموجودة في دول البلطيق في إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، وهي أعضاء في الناتو على الحدود مع روسيا، وهم قلقون بشكل خاص بشأن النوايا المستقبلية المحتملة لموسكو..

بالنسبة لدول البلطيق ودول أخرى على الجانب الشرقي لحلف الناتو، فإن التهديد حقيقي ولا تزال ذكريات الاحتلال والحكم السوفياتي جديدة. ويقولون إن التنازلات المقدمة لروسيا في أوكرانيا ستشجع بوتين على الدفع باتجاه الغرب.

النفط والمجر

وفي الوقت الذي يحاول فيه الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على النفط الروسي، برزت المجر كواحدة من أكبر العقبات أمام الدعم الإجماعي المطلوب من الدول الأعضاء في الكتلة البالغ عددها 27 دولة.

واقترحت رئيسة اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، أورسولا فون دير لاين، الأسبوع الماضي التخلص التدريجي من واردات الخام الروسي في غضون ستة أشهر والمنتجات المكررة بحلول نهاية العام لفطم أوروبا عن اعتمادها على الوقود الأحفوري الروسي وقطع مصدر مربح من الدخل الذي يساعد في تمويل الحرب الروسية.

لكن حكومة المجر القومية - وهي واحدة من أكثر الحكومات ودية لموسكو في الاتحاد الأوروبي - تصر على أنها لن تدعم أي عقوبات تستهدف صادرات الطاقة الروسية. حيث تعتمد المجر اعتمادًا كبيرًا على النفط والغاز الروسيين، وتقول إن مقاطعة الاتحاد الأوروبي للنفط ستكون «قنبلة ذرية» لاقتصادها وتدمر «إمداداتها المستقرة من الطاقة».

إلى جانب المجر، تطالب سلوفاكيا وجمهورية التشيك لسنوات بالتخلص التدريجي من النفط الروسي. قالت المفوضية الأوروبية إنها مستعدة لمساعدة الدول التي تعتمد بشكل خاص على النفط الروسي.

وقال المتحدث باسم المفوضية إريك مامر يوم الثلاثاء «نقر بأن المجر والدول الأخرى غير الساحلية والتي تعتمد بشكل كبير في مجال الطاقة على إمدادات النفط الروسية في وضع محدد للغاية يتطلب إيجاد حلول محددة».

التطورات الأخرى:

برلين

رفضت الحكومة الألمانية الاقتراحات بأنها قد تنشط خط أنابيب نورد ستريم 2 من روسيا إلى ألمانيا للتعويض عن انخفاض التدفقات عبر أوكرانيا.

براغ

وافق الرئيس التشيكي ميلوس زيمان على طلب 103 من التشيك للانضمام إلى القوات المسلحة الأوكرانية لمساعدتهم في محاربة العدوان الروسي.

باريس

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الحرب الروسية في أوكرانيا «تدفع بعدد من البلدان» نحو عضوية الناتو.

لفيف، أوكرانيا

أظهرت صور الأقمار الصناعية التي حللتها وكالة أسوشيتيد برس أن سفينة روسية يعتقد أنها تحمل حبوبًا أوكرانية مسروقة قد رست في سورية.

دبي، الإمارات العربية المتحدة

أجرى وزير الخارجية الروسي زيارة مفاجئة لدولة عمان العربية الخليجية لعقد اجتماعات مع مسؤولين بشأن حرب موسكو على أوكرانيا.