يواجه أبناؤنا المراهقون في «عصر الأنا» تحديدًا تحديًا كبيرًا، حيث يعلو مفهوم التمرّد على مفهوم الانصياع لأي سلطة، ونراهم يرفضون أي تدخلات أو محاولات لتعديل مسارهم، ويرونها «تدخلات مرفوضة» للتحكم بحياتهم. ويعد إشكالُ القِيَم عند مراهقِ اليوم من أبرز الإشكالات البارزة؛ لأنها تمس قضية تربوية راهنة، ويستدعي هذا الإشكال البحث في التصادم القيمي الذي يعيشه مراهق هذا العصر، والذي تنتابه حيرة وشك لا مثيل لهما أمام تناقض القيم في أوساطه؛ بحيث يجد داخل أسرته نوعًا من القيم تختلف كثيرًا مع ما يمرر له خارجها.

ومن هنا تنبع أهمية غرس فكرة وجود قوة خارجية نتحرك في دائرتها، وأن نبعث داخل أبنائنا المراهقين إيمانًا بشيء أكبر من أنفسهم.

فهذا الإيمان هو ما سيضفي لحياته معنًى قد يغيب عن ناظريه خلال فترة المراهقة، كما سيعطيه احترامًا للسلطة ويحيي فيه الضمير الذي سيكون بمثابة بوصلة تمكّنه من الوقوف عند حد معين مهما أخذت رياح المراهقة تشدّه يمينًا وشمالًا.

كما أن غرس الإيمان القوي في نفوس أبنائنا المراهقين سيساعدهم على تخطي بعض الأفكار السوداوية التي قد ترافقهم خلال مراهقتهم، والتي تجعلهم يشعرون بالوحدة الشديدة والانعزال، وقد يشعرون بأنهم منبوذين وغير مفهومين.

وإن تشجيعه على الدعاء والتأكيد على أن «الله» موجود دائمًا لأجلك، ويسمعك دائمًا سيمنحه شعورًا بالأمان وسيهدّئ من العواصف العاتية الناشطة داخله.

وكذلك غرس فكرة أن «الله استخلفك لعمارة الأرض»، ستجعل ابنك يشعر بأن له هدف سامٍ يمكنه أن يسعى لأجله، وسيخفف ذلك من حالة الضياع التي قد يواجهها خلال المراهقة، وسيجيبه عن تساؤلات ستراوده حتمًا، منها: «ما هدفي في الحياة؟» و«ما سبب وجودي في الدنيا؟».

ومن الضروري أن يكون الوالدان قدوة له في هذا المجال، ليرى التزامهم بالصلاة والدعاء والمعاملة الحسنة، فحتى تصل بابنك لدرجة العالية من الروحاينة، عليك أن تكون نموذجًا لاحترام السلطة.

ويمكنك اتّباع بعض النصائح التي ستمكنك من القيام بالتوجيه الروحاني والديني لابنك المراهق بشكل سليم:

1. اجعل توجيهاتك تبدو بصورة عفويةوغير مباشرة، حتى تتجنب الرفض والعناد.

2. لا ترفض شيئًا دون أن توضح له السبب، وتحاول إقناعه بسبب الرفض.

3. امزج بين مخاطبة عقله وقلبه (أفكاره وعواطفه)، لأن هذا الأسلوب خاصة في مرحلة المراهقة يعتبر مؤثرًا جدًا.

4. أن تبدأ مرحلة غرس القيم الدينية مبكرًا في بداية مرحلة الماهقة، ويُفضّل أن تكون قبلها؛ إذ أثبتت الدراسات بأن المراهق يكون على قدر أكبر من التقبل للاستشارة والإرشاد في السنوات الأولى من المراهقة.

5. توظيف قدرات المراهق على التأمل والتساؤل والتفكّر حول الكون والنفس والحياة، ومحاولة الإجابة عن تلك التساؤلات من منظور ديني.

6. استثمار مواقف الضعف والضيق التي قد يمر بها المراهق لغرس المفاهيم العبادية.

7. التنويع في الأساليب والقوالب التي تقدم المعلومات والتوجيهات من خلالها.

وفي الختام يجب أن نؤكد على أن أخطر شيء قد يصاب به المراهق هو سوء التغذية القيمية؛ لأن ذلك يجعله عرضة للانجراف الذي قد يصعب تلافيه لاحقًا.