الجميع سمع وشاهد التصريحات الاستباقية والعنجهية الفارغة للرئيس الأمريكي الحالي «جو بايدن» أثناء الانتخابات الأمريكية، وما سيفعله بالمملكة العربية السعودية، من جعلها دولة منبوذة، وسوف يفعل ما سيفعل لتحقيق ذلك، وطبّل له المطبلون، ورقص على أنغامه الراقصون.

إلا أن الواقع فرض نفسه منذ الانتخابات وبعد مرور أكثر من سنتين، لدرجة أن هذا الرئيس أصبح يصافح الهواء ويخطب بالهراء ويسأل عن أمه المتوفاة منذ عدة سنوات في مشهد يرثى فيه للحالة الأمريكية في ظل رئاسته، حيثُ ذهب يستجدي الحلول يمنةً ويسرة وكأن بوصلته السياسية تاهت به، وبقيت السعودية أبيّة.

لنعد بالتاريخ إلى الحقبة الناصرية والمناكفة بالخُطب الجماهيرية والهمز واللمز ضد السعودية وصولاً لدعم الانقلابيين في اليمن الحبيب، ومحاولة ضرب بعض المواقع السعودية، إلا أنه وفي نهاية الأمر ذهبت الناصرية والزعامة الواهمة، وبقيت السعودية أبيّة. ونعود بالتاريخ إلى الهجوم الثلاثي على مصر من أكبر دولتين وابنتهما، وكيف لعب الدور السعودي القوي لفك الاشتباك وتجنيب مصر الشقيقة الدخول في مفترق طرق نهايتها مُظلمة، بإعلان السعودية قرار قطع البترول الذي جعل الغرب يتوسل للتراجع عنه، «ولم يحدث» حتى تحققت الرغبة العربية حينها، وبقيت السعودية أبيّة. ونعود بالتاريخ إلى حرب الخليج واحتلال «صدام حسين» للكويت الشقيقة ومبادرته بإرسال صواريخ سكود إلى الأراضي السعودية، في محاولة منهُ لإقصائها عن القيام بدورها الكبير في تحرير الكويت، إلا أنه حدث ما أرادت السعودية، وفي المقابل شاهد الجميع كيف انتهى صدام حسين بكل أسف وكيف عُبثَ بالعراق، وبقيت السعودية أبية.

ونعود بالتاريخ إلى أحد لقاءات «الأمير بندر بن سلطان» وما ذُكر حول صواريخ رياح الشرق بالقصة المشهورة التي أمر فيها «الملك فهد» -رحمه الله- بإنهاء تواجد السفير الأمريكي بسبب تطفله وسؤال السعودية عن حقيقة هذه الصواريخ، إلى أن جاء الاعتذار من الرئيس الأمريكي لتخفيف غضب «الملك فهد» رحمه الله، وبقيت السعودية أبيّة.

ونعود بالتاريخ إلى المؤامرة القذافية لاغتيال «الملك عبدالله» -رحمه الله- والتي باءت بالفشل بلطف من الله، ومن ثم العمل العميق لأجهزة الدولة، وبعد كل التجاوزات منه، رأينا جميعاً كيف كانت نهاية القذافي، وبقيت السعودية أبيّة.

ونتوقف بالتاريخ القريب فيما أسميه «الاستثمار الفاشل» لقضية خاشقجي من الرئيس التركي إردوغان، وكل التفاصيل الشيطانية التي أراد بها القفز على السعودية، وها نحن قبل أيام شهدنا زيارة إردوغان بعد تلميح وطلب لأكثر من مرة أبدى فيه رغبته في تسوية الكثير من الأمور، ولا يستنكر على الكرم العربي ذلك، إلا أن الرد أتى من خلال الأخبار السعودية يؤكد أن الزيارة أتت بطلب من الرئيس إوردغان، ليضع الأمور في سياقها الصحيح.

من منا لم يشهد أحداث الربيع العربي «الغاشم» وكيف استطاعت القيادة السعودية تجنيب المملكة والشعب السعودي هذه الكوارث، بل ساهمت وسعت في الكثير من الدول الإسلامية والعربية للمحافظة على استقرار حكوماتها ودفعت الغالي والنفيس لتحقيق الأمن والسلام فيها.

لعلنا نكتفي بهذه الشواهد التي نتفق فيها بأن المملكة العربية السعودية ليست بتلك الدولة التي تستطيع أن تجعل منها دولة هامشية على الخريطة، فقدرها أن تكون (محور الإسلام والعروبة) والتي كما قال «الأمير بندر بن سلطان» في أحد اللقاءات الصحفية (عندما نقول نعم فنحن نعني نعم، وعندما نقول لا فنحن نعني لا).

وعند تتأمل بعض الصفحات التاريخية الكثيرة التي كانت السعودية محور الأحداث فيها تكتشف أن كل من أراد السعودية بسوء أو عمل دنيء ينقلب عليه كما ينقلب السحر على الساحر، وكأنه أصبح قانوناً كونياً يحمل في طياته «لعنة الصحراء» بكل التحذيرات لمن أراد هذا البلد بسوء، فهل من مُتّعظ..!! عندما نبحث بواقع الحال نجد أن القاسم المشترك من كل هذه الشواهد هو الامتداد التاريخي لهذه الأسرة الحاكمة «آل سعود» حفظها الله، وأن هذه الأسرة في كل حقبة تظهر لنا مدى ثقلها السياسي والتاريخي في المنطقة والعالم، وتشرح لنا معنى أن لكل زمان دولة ورجال.

منذُ تولي خادم الحرمين الشريفين «الملك سلمان» العرش -حفظه الله- وأصبح ولي عهده الأمين «الأمير محمد بن سلمان» اعتقد بعض من بهم «خَبَل» أن هذا الشاب ولي العهد «الأمير محمد بن سلمان» شخصية يسهل كسرها أو نبذها، غافلاً أو جاهلاً سمها ما شئت، ما هو الامتداد التاريخي لهذه الشخصية المليئة بالتاريخ والجينات السياسية.

وبالمقارنة عندما تؤخذ الخبرات المتراكمة بالاعتبارات التاريخية نجد أن هذا الأمير الشاب يتفوق على كثير من الساسة على مستوى العالم، وذلك بطبيعة الامتداد التاريخي للأسرة وتوارث السياسة أباً عن جد، بما يشارف على 300 عام، بدءًا من الدولة السعودية الأولى مروراً بالدولة السعودية الثانية وصولاً لتاريخ اليوم والمستقبل بإذن الله.

دعونا لا ننسى تصدي هذا الأمير الفذ لكل المخططات والمؤمرات التي تُحاك ضد هذا الوطن والمنطقة. لم لا وهو صاحب أجمل مقولة (همّة السعوديين مثل: جبل طويق.. ولن ننكسر).

لم لا وهو عراب النهضة للقرن الحادي والعشرين. لم لا وهو من وضع النقاط على الحروف.

تذكر عزيزي المهتم كل هذا المجد ولله الحمد للسعودية، وهي الدولة التي ليس لها أطماع وليس لديها أجندة تخريبية للتصدير. ن

حمد الله العلي العظيم حمداً كثيراً على كل حال ونحمد الله العلي العظيم دائماً بأن حبانا هذه القيادة ذات السيادة، فالشعوب تُحِب ان تُحكم بما تؤمن به، ومن ضمن ما نؤمن به كشعب سعودي هو السيادة، وهذا هو ديدن العربي الاصيل قيادةً وشعباً.

في آخر المطاف هنا رسالة لكل من يعتقد أن السعودية دولة سهلة المنال أو هامشية ولا قيمتها لها، فعليه أن يلقي بنفسه في مزبلة التاريخ مع من سبقه.

ومن يعتقد أن هذا أو ذاك «غرباً أو شرقاً» لديه اليد الطولى على هذه الدولة السعودية، عليه أن يعيد حساباته ويرى واقعنا اليوم ويتمعن في الأدوار السعودية ومدى التأثير على المستوى الإقليمي والعالمي.